فنقول : ومن أين علمتم أيضا أنّ أحدهما [كان] قبطيا والآخر [كان] سبطيّا ، والكتاب إنّما نطق برجلين؟!.
فإن قالوا : لقوله تعالى : (هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) والشّيعة : القبيل والرّهط ، فمن أين نقلتم الحقيقة إلى المجاز ، ومن أين صحّ لكم العلم بكفر أحدهما وإيمان الثّاني؟!.
فنقول : علمنا ذلك من ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّ شيعة الكافر قبيلة ونسيبه وصنفه. وشيعة المؤمن إنّما هو شريكه في الإيمان ، كان من قبيله أو من غير قبيله. قال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات : ٤٩ / ١٠].
وقال في قصّة إبراهيم عليهالسلام مع أبيه : (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) [التوبة : ٩ / ١١٤].
وقال في الكفرة : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) [المؤمنون : ٢٣ / ١٠١].
وقال تعالى : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) [عبس : ٨٠ / ٣٤ ـ ٣٦].
والمرء هذا : الكافر ، بدليل قوله تعالى : (الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) [الزخرف : ٤٣ / ٦٧].
والأخلاّء هنا المؤمنون.
وقال تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) [الحجر : ١٥ / ٤٧].