وقال تعالى في الكافر : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) ، إلى قوله : (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) [الفرقان : ٢٥ / ٢٧ ـ ٢٨].
إلى غير ذلك ممّا جاء في الكتاب والسّنة من تبرّئ المؤمن من الكافر. ومجموع هذا يدلّ على أنّ الذي استغاث بموسى عليهالسلام كان مؤمنا على بقايا من دين يوسف عليهالسلام.
قال تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) [غافر : ٢٠ / ٢٨].
فكان في بني إسرائيل ، وفي القبط مؤمنون يكتمون إيمانهم ، فكان هذا الرّجل المستغيث بموسى عليهالسلام منهم.
الثاني : قول الله تعالى لأم موسى عليهالسلام : (يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ) [طه : ٢٠ / ٣٩].
ومعلوم قطعا أنّ الله تعالى ما سمّى فرعون عدوّا له ولنبيّه إلا لأجل كفره ، فخرج من هذا أنّ هذا القبيل إنّما كان عدوّا لموسى عليهالسلام من أجل كفره ، ولو اجتزأنا بهذا الدّليل لاكتفينا به عمّا سواه.
الثالث : أنّ الله تعالى قال : (هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) فلو كان المقصود بالشّيعة القبيل لقوبل في النّقيض بقبيل آخر لا بالعدوّ ، فإنّه ليس من وصف من لم يكن من القبيل أن يكون عدوّا ، ثم قد يكون العدوّ من القبيل ، بل من الأخ والولد ، قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) [التغابن : ٦٤ / ١٤]. فصحّت عداوة الدّين مع ثبوت النّسب.
فيخرج العدوّ هنا مخرج قوله تعالى : (يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ) حرفا بحرف ، وكذلك قوله تعالى : (فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ)