السادس : أنّه لمّا كلّمها الوليد استبشرت بأنه سيقيم حجّتها عند قومها كالّذي فعل.
السّابع : وهي البشارة العظمى التي تثبت أنّ مقامها عند الجذع كان أعلى من مقامها في الغرفة. وهو قوله تعالى لها : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) [مريم : ١٩ / ٢٥].
وتتصور الكرامة في هزّها من أحد عشر وجها : أحدها : أنّه نبّهها على بركة يدها بأن تمسّ الشّيء فيظهر عليه بركة ذلك المسّ.
كما جاء في الصّحيح (١) عن عائشة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوّذات وينفث ، فلمّا اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها.
وكما قيل : (٢)
لو مسّ عودا سلوبا لاكتسى ورقا |
|
ولو دعا ميّتا في القبر لبّاه |
الثاني : أنّ الملموس كان جذعا ، والجذع في اللّسان هو : ساق النّخلة إذا جذّ رأسها ، يقول العرب : على كم جذع بيتك مبنيّ؟ وجاء في الخبر (٣) : «فحنّ الجذع إليه» وكانت أسطوانة في المسجد ، وقال تعالى : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٢ / ٧١] ولا يكون الصّلب إلاّ في الخشب. فصحّ أنّ ساق النّخلة إنّما يسمّى جذعا
__________________
(١) في مسند الإمام أحمد ٦ / ١١٤.
(٢) في اللسان : شجرة سليب : سلبت ورقها وأغصانها.
ووردت سلوب صفة للناقة التي ترمي ولدها ، وقال : ناقة سالب وسلوب ، مات ولدها أو ألقته لغير تمام ، وكذلك المرأة. وظبية سلوب وسالب : سلبت ولدها.
(٣) في مسند الإمام أحمد ١ / ٢٤٩ من حديث ابن عبّاس رضياللهعنه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يخطب إلى جذع قبل أن يتّخذ المنبر ، فلمّا اتّخذ المنبر وتحوّل إليه حنّ عليه ، فأتاه فاحتضنه فسكن ، قال :«ولو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة».