قسم في فضلها على سائر العبادات.
وقسم في فضل نبيّنا عليهالسلام على سائر الأنبياء وإظهار إكرامه في ذلك المقام عند الملأ الأعلى.
وقسم في اهتمامه بأمّته واحتياطه عليهم في طلب التخفيف عنهم.
وقسم في لطف الله تعالى بهم حيث حطّ عنهم كلفة خمس وأربعين وأبقى لهم أجر الخمسين.
فأمّا فضلها على سائر العبادات
أولا : لكونها فرضت في المقام الأسنى على بساط العزّة بحضرة الملأ الأعلى ، وفي هذا تنويه بهذه الطاعة وتشريف لها على سائر العبادات ، حتى إنّ الله تعالى يسأل الحفظة في كلّ يوم وليلة (١) : كيف تركتم عبادي؟ فلا يذكرون له من أعمال البرّ في التّرك والإتيان سوى الصّلاة وذلك لما سبق لها من العلم بفضلها وتعظيمها حين فرضت في ذلك المقام.
وأمّا من جهة التّعليل فإنّها عبادة تشمل الجسد ظاهرا وباطنا ، وتجمع عبادات الملائكة كما شهد الخبر (٢) أنّ منهم قوّاما ، ومنهم ركّع ومنهم سجّد ، ومنهم ذاكرون مسبّحون حامدون ، فهذه الأحوال كلّها قد جمعتها الصلاة حتى [لا] يفوت ابن آدم عمل من أعمال الملائكة ، مع ما جاء في الأخبار من الحض عليها وتعظيم الوعد والوعيد على فعلها وتركها في كتاب الله تعالى وسنّة رسوله.
__________________
(١) في الموطأ ١ / ١٧٠ ، من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يتعاقبون فيكم : ملائكة باللّيل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر ، وصلاة العصر ، ثمّ يعرج الّذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلّون ، وأتيناهم وهم يصلّون».
(٢) ينظر تفسير سورة (الجن) في كتب التفسير ، مثل الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي ١٩ / ١٢ وما بعدها.