وأيضا فإنّ فروض الصّلاة أكثر من سائر الأعمال كما سيأتي إن شاء الله تعالى عند تعداد فروضها ، وقد قال عليهالسلام (١) : «إن الله يقول : ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه». فما كانت الطّاعة أكثر فروضا كانت أفضل.
وأما ظهور نبينا عليهالسلام وتقدّمه في ذلك المحلّ فلا تحويه الرّقوم ، ولا تحيط به ثاقبات الفهوم ، لكنّا نقتصر منه على بعض ما تضمّنه إكرام الله تعالى له في أمر الصلاة ، والله المستعان ، وهو ينقسم أربعة (٢) عشر قسما :
أحدها : أنّه كان وافدا على الله تعالى ، وضيف الكريم كريم ، فأتحفه بهذه التّحفة التي هي أمّ الطاعات ورأس المعاملات كما تقدم.
الثاني : أن فرضها خمسين وفي معلومه تعالى نسخ تسعة أعشارها ليظهر جاهه عند الملأ الأعلى في السّؤال والإجابة ، فلو فرض الخمسة في أوّل وهلة لم يظهر ذلك الجاه ، كما لو قدّرت كريما وفد على ملك عظيم فأحسن له كما ينبغي لسعة مملكته ، ثمّ أمره أن يلزم قومه خمسين وظيفة ، ثمّ قبل شفاعته في أكثرها ، أترى كان يخفى [على] وزراء ذلك الملك وحاشيته مكان هذا الوافد عليه؟.
الثالث : أنّه لم يحطّها عنه جملة بل نجّمها عليه تسع مرّات ، وذلك ليؤكّد إكرامه عند الملائكة ، حتى يعلموا بسطه له ، وباينه في تكرار الإسعاف مع تكرار السّؤال.
الرابع : أنه لم يحظه في هذا التّكرار إلا بعد أن فارق البساط ، وانصرف ثم رجع ، وذلك زيادة في الإكرام ، وذلك أنّ الوفود إذا فارقت بساط الملوك بعد قضاء
__________________
(١) في مسند الإمام أحمد ٦ / ٢٥٦ من حديث عائشة رضي الله عنها قالت ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قال الله عزّ وجلّ : من أذلّ لي وليّا فقد استحلّ محاربتي ، وما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء الفرائض ..».
(٢) في الأصل : (أحد عشر).