وأمّا كرامة زيد فبإعلام الله له في ضمن الآية بسلامة العاقبة كما ذكرناه.
وأمّا تصوّر العتاب إن صحّ في قوله : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) فقد يقع من باب ترك الأولى من المباحات كما تقدّم ، وذلك أنّ الله تعالى أمره بزواجها أو أخبره به حيث قال له في آخر الآية : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) [الأحزاب : ٣٣ / ٣٧] وسيأتي بيان ذلك الأمر عند فراغنا من شرح الآية إن شاء الله تعالى.
وأما سبب قوله له أمسكها فهو أنّ زيدا جاءه يتشكّى له بها ، فقال : يا رسول الله زينب تسبّني وتستعلي عليّ وتعيّرني وتفخر عليّ بشرفها ، إلى غير ذلك ، وأريد أن أطلقها.
فقد ربّما كان الأولى أن يقول له ـ عليهالسلام ـ مثلا : أنت وشأنك! أو ما يقرب من هذا من الأقوال ، أو يسكت عنه فلا يأمره ولا ينهاه لكونه ـ عليهالسلام ـ قد أمره الله تعالى بتزويجها أو أخبره بذلك ، فقال له : أمسكها والأظهر أنّه قصد ـ عليهالسلام ـ بهذه القولة خوف القالة من السّفهاء أن يقولوا ما قالوه فيهلكوا بأذيّته ، فتصحّ عليهم اللّعنة في الدّارين ، والعذاب الأليم ، بدليل الكتاب ، قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) [الأحزاب : ٣٣ / ٥٧].
وأيضا أنه لمّا سمع أنّ الله تعالى عاتب داود ـ عليهالسلام ـ في قوله : (أَكْفِلْنِيها) [ص : ٣٨ / ٢٣] ، قال هو : «أمسكها» ، وسقط العتاب.
وأما قوله : (وَاتَّقِ اللهَ) [الأحزاب : ٣٣ / ٣٧] ، يعني في ذكرها بالقبح لغيبها في قوله : تقول لي كذا وتفعل بي كذا ، وهي غائبة ، فنهاه عن الغيبة المنهيّ عنها شرعا ، بدليل أنّ قول زيد : أطلّقها ، كلام مباح ليس فيه حظر ولا كراهة في الشرع.
__________________
أمّ الكتاب؟ وهل كان أبو لهب يستطيع ألاّ يصلى النار؟ فقال : والله ما يستطيع ألاّ يصلاها ، وإنها لفي كتاب الله من قبل أن يخلق أبو لهب وأبواه.