الصحابة أولى بالسبق إلى الاستدلال به في هذه المسألة ونظائرها من المسائل مع كثرة ما اختلفوا فيه من أحكام الحوادث التي لم يخل كثير منها من إمكان الاستدلال عليها بهذا الضرب كما استدلوا عليها بالقياس والاجتهاد وسائر ضروب الدلالات وفي تركهم الاستدلال بمثله دليل على أن ذلك لم يكن عندهم دليلا على شيء فإذا لم يحصل إسماعيل من قوله هو محظور في الكتاب على حجة ولا شبهة* وقد حكى داود الأصبهانى أن إسماعيل سئل عن النص ما هو فقال النص ما اتفقوا عليه فقيل له فكل ما اختلفوا فيه من الكتاب فليس بنص فقال القرآن كله نص فقيل له فلم اختلف أصحاب محمد النبي صلىاللهعليهوسلم والقرآن كله نص فقال داود ظلمه السائل ليس مثله يسئل عن هذه المسألة هو أقل من أن يبلغ علمه هذا الموضع فإن كانت حكاية دواد عنه صحيحة فإن ذلك لا يليق بإنكاره على القائلين بإباحة نكاح الأمة مع إمكان تزوج الحرة لأنه حكى عنه أنه قال مرة ما اتفقوا عليه فهو نص وقال مرة القرآن كله نص وليس في القرآن ما يخالف قولنا ولا اتفقت الأمة أيضا على خلافه وفي حكاية داود هذا عن إسماعيل عهدة وهو غير أمين ولا ثقة فيما يحكيه وغير مصدق على إسماعيل خاصة لأنه كان نفاه من بغداد وقذفه بالعظائم وما أظن تعجب إسماعيل من قولنا إلا من جهة أنه كان يعتقد في مثله أنه دلالة على حظر ما عدا المذكور وقد بينا أن ذلك ليس بدليل واستقصينا القول فيه أصول الفقه ومما يدل على صحة قولنا أن خوف العنت وعدم الطول ليسا بضرورة لأن الضرورة ما يخاف فيها تلف النفس وليس في فقد الجماع تلف النفس وقد أبيح له نكاح الأمة فإذا جاز نكاح الأمة في غير ضرورة فلا فرق بين وجود الطول وعدمه إذ عدم الطول ليس بضرورة في التزوج إذ لا تقع لأحد ضرورة إلى التزوج إلا أن يكره عليه بما يوجب تلف النفس أو بعض الأعضاء ويدل على أن الإباحة المذكورة في الآية غير معقودة بضرورة قوله في نسق الخطاب (أَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) وما اضطر إليه الإنسان من ميتة أو لحم خنزير أو نحوه لا يكون الصبر عليه خيرا له لأنه لو صبر عليه حتى مات كان عاصيا وأيضا فليس النكاح بفرض حتى تعتبر فيه الضرورة وأصله تأديب وندب وإذا كان كذلك وقد جاز في غير الضرورة وجب أن يجوز في حال وجود الطول كما أجاز في حال عدمه وقوله تعالى (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) في نسق التلاوة قيل فيه إن كلكم من آدم وقيل فيه كلكم مؤمنون يدل على