ثلاثا فيقال له اختر أيهما شئت لأن العقد كان صحيحا إلى أن طرأ التحريم فإن قيل لو كان ذلك يختلف لسأله النبي صلىاللهعليهوسلم عن وقت العقد* قيل له يجوز أن يكون النبي صلىاللهعليهوسلم قد علم ذلك فاكتفى بعلمه عن مسألته وأما حديث معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه في قصة غيلان فإنه مما لا يشك أهل النقل فيه أن معمرا أخطأ فيه بالبصرة وأن أصل هذا الحديث مقطوع من حديث الزهري رواه مالك عن الزهري قال بلغنا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لرجل من ثقيف أسلم وعنده عشر نسوة اختر منهن أربعا ورواه عنه عقيل ابن خالد عن ابن شهاب قال بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبى سويد أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لغيلان بن سلمة وكيف يجوز أن يكون عنده عن سالم عن أبيه فيجعله بلاغا عن عثمان ابن محمد بن أبى سويد ويقال إنه إنما جاء الغلط من قبل أن معمرا كان عنده عن الزهري حديثان في قصة غيلان أحدهما هذا وهو بلاغ عن عثمان بن محمد بن أبى سويد والآخر حديثه عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة طلق نساءه في زمن عمر وقسم ماله بين ورثته فقال له عمر لئن لم تراجع نساءك ثم مت لأورثهن ثم لأرجمن قبرك كما رجم قبر أبى رغال فأخطأ معمر وجعل إسناد هذا الحديث لحديث إسلامه مع النسوة.
(فصل) قال أبو بكر والمنصوص على تحريمه في الكتاب هو الجمع بين الأختين وقد وردت آثار متواترة في النهى عن الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها رواه على وابن عباس وجابر وابن عمرو أبو موسى وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعائشة وعبد الله ابن عمر أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على بنت أخيها ولا على بنت أختها وفي بعضها لا الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى على اختلاف بعض الألفاظ مع اتفاق المعنى وقد تلقها الناس بالقبول مع تواترها واستفاضتها وهي من الأخبار الموجبة للعلم والعمل فوجب استعمال حكمها مع الآية وشذت طائفة من الخوارج بإباحة الجمع بين من عدا الأختين لقوله تعالى (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) واخطأت في ذلك وضلت عن سواء السبيل لأن الله تعالى كما قال (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) قال (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) وقد ثبت عن النبي صلىاللهعليهوسلم تحريم الجمع بين من ذكرنا فوجب أن يكون مضموما إلى الآية فيكون قوله تعالى (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) مستعملا فيمن عدا الأختين وعدا من بين النبي صلىاللهعليهوسلم تحريم الجمع بينهن