الظهار ويدل على صحة القول الأول قوله تعالى (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) وهذه رقبة مؤمنة لقول النبي صلىاللهعليهوسلم كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه فأثبت له حكم الفطرة عند الولادة فوجب جوازه بإطلاق اللفظ ويدل عليه أن قوله تعالى (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً) منتظم للصبي كما يتناول الكبير فوجب أن يتناوله عموم قوله تعالى (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) ولم يشرط الله عليها الصيام والصلاة فلا تجوز الزيادة فيه لأن الزيادة في النص توجب النسخ ولو أن عبدا أسلم فأعتقه مولاه عن كفارته قبل حضور وقت الصلاة والصيام كان مجزيا عن الكفارة لحصول اسم الإيمان فكذلك الصبى إذا كان داخلا في إطلاق اسم الإيمان فإن قيل العبد المعتق بعد إسلامه لا يجزى إلا أن يكون قد صام وصلى قيل له لا يختلف المسلمون في إطلاق اسم الإيمان على العبد الذي أسلم قبل حضور وقت الصلاة أو الصوم فمن أين شرطت مع الإيمان فعل الصلاة والصوم والله سبحانه لم يشرطهما ولم زدت في الآية ما ليس فيها وحظرت ما أباحته من غير نص يوجب ذلك وفيه إيجاب نسخ القرآن وأيضا لما كان حكم الصبى حكم الرجل في باب التوارث والصلاة عليه ووجوب الدية على قاتله وجب أن يكون حكمه حكمه في جوازه عن الكفارة إذ كانت رقبة تامة لها حكم الإيمان فإن قيل قوله تعالى (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) يقتضى حقيقة رقبة بالغة معتقدة للإيمان لا من لها حكم الإيمان من غير اعتقاد ولا خلاف مع ذلك أيضا أن الرقبة التي هذه صفتها مرادة بالآية فلا يدخل فيها من لا تلحقه هذه السمة إلا على وجه المجاز وهو العقل الذي لا اعتقاد له قيل له لا خلاف بين السلف أن غير البالغ جائز في كفارة الخطأ إذا كان قد صام وصلى ولم يشرط أحد وجود الإيمان منه حقيقة ألا ترى أن من له سبع سنين مأمور بالصلاة على وجه التعليم وليس له اعتقاد صحيح للإيمان فثبت بذلك سقوط اعتبار وجود حقيقة الإيمان الرقبة ولما ثبت ذلك باتفاق السلف علمنا أن الاعتبار فيه بمن لحقته سمة الإيمان على أى وجه سمى والصبى بهذه الصفة إذا كان أحد أبويه مسلما فوجب جوازه عن الكفارة.
قوله تعالى (إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) قال أبو بكر يعنى والله أعلم إلا أن يبرئ أولياء القتيل من الدية فسمى الإبراء منها صدقة وفيه دليل على أن من كان له على آخر دين فقال قد تصدقت به عليك أن ذلك براءة صحيحة وأنه لا يحتاج في صحة هذه البراءة إلى