خالطت الماء والردة تبطل النكاح وتحرمها على الزوج وغير ذلك من الأفعال المحرمة للحلال فقوله صلىاللهعليهوسلم الحرام لا يحرم الحلال لو ورد بلفظ عموم لما صح اعتقاد العموم فيه وكان مفهوما مع وروده أنه أراد بعض الأفعال المحرمة لا يحرم الحلال فيحتاج إلى دلالة في إثبات حكمه كسائر الألفاظ المجملة وأيضا لو نص النبي صلىاللهعليهوسلم على ما ادعيت من ضميره فقال إن فعل الحرام لا يحرم الحلال لما دل على ما ذكرت لأنا كذلك نقول إن فعل الحرام لا يحرم الحلال فيكون ذلك محمولا على حقيقة ولا دلالة فيه أن الله لا يحرم الحلال عند وقوع فعل حرام* فإن قيل معناه أن الله لا يحرم الحلال بفعل الحرام* قيل له فإذا قوله الحرام لا يحرم الحلال إذا كان المراد به ما ذكرت مجاز ليس بحقيقة فيحتاج إلى دلالة في إثبات حكمه إذ لا يجوز استعمال المجاز إلا عند قيام الدلالة عليه.
وذكر الشافعى أن مناظرة جرت بينه وبين بعض الناس فيها أعجوبة لمن تأملها قال الشافعى قال لي قائل لم قلت إن الحرام لا يحرم الحلال قلت قال الله تعالى (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) وقال (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) وقال (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ ـ إلى قوله ـ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ) أفلست تجد التنزيل إنما يحرم ما سمى بالنكاح أو الدخول والنكاح قال بلى قال قلت أفيجوز أن يكون الله حرم بالحلال شيئا وحرمه بالحرام والحرام ضد الحلال والنكاح مندوب إليه مأمور به وحرم الزنا فقال (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) قال أبو بكر تلا الشافعى آية التحريم بالنكاح والدخول وآية تحريم الزنا وهذان الحكمان غير مختلف فيهما أعنى إباحة النكاح والدخول وتحريم الزنا وليس في ذلك دلالة على موضع الخلاف في المسألة لأن إباحة النكاح والدخول وإيجاب التحريم بهما ليس فيه أن التحريم لا يقع بغيرهما كما لم ينف إيجاب التحريم بالوطء بملك اليمين وتحريم الله تعالى للزنا لا يفيد أن التحريم لا يقع إلا به فإذا ليس في ظاهر تلاوة الآيتين نفى لتحريم النكاح بوطء الزنا لأن الآية الزنا إنما فيها تحريم الزنا وليس تحريم الزنا عبارة عن نفى إيجابه لتحريم النكاح ولا في إيجاب التحريم بالنكاح والدخول نفى لإيجابه بغيرهما فإذا لا دلالة فيما تلاه من الآيتين على موضع الخلاف ولا جوابا للسائل الذي سأله عن الدلالة على صحة قوله* ثم قال الحرام ضد الحلال فلما قال له السائل فرق بينهما قال قلت قد فرق الله بينهما لأن الله ندب إلى النكاح وحرم الزنا