على الوطء بنكاح صحيح في إحصان الرجم* والإحصان في الشرع يتعلق به حكمان أحدهما في إيجاب الحد على قاذفه في قوله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ) فهذا يعتبر فيه العفاف والحرية والإسلام والعقل والبلوغ فما لم يكن على هذه الصفة لم يجب على قاذفه الحد لأنه لاحد على قاذف المجنون والصبى والزاني والكافر والعبد فهذه الوجوه من الإحصان معتبرة في إيجاب الحد على القاذف والحكم الآخر هو الإحصان الذي يتعلق به إيجاب الرجم إذا زنا وهذا الإحصان يشتمل على الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والنكاح الصحيح مع الدخول بها وهما على هذه الصفة فإن عدم شيء من هذه الخلال لم يكن عليه الرجم إذا زنا والسفاح هو الزنا قال النبي صلىاللهعليهوسلم أنا من نكاح ولست من سفاح وقال مجاهد والسدى في قوله تعالى (غَيْرَ مُسافِحِينَ) قالا غير زانين ويقال إن أصله من سفح الماء وهو صبه ويقال سفح دمعه وسفح دم فلان وسفح الجبل أسفله لأنه موضع مصب الماء وسافح الرجل إذا زنا لأنه صب ماءه من غير أن يلحقه حكم مائه في ثبوت النسب ووجوب العدة وسائر أحكام النكاح فسمى مسافحا لأنه لم يكن له من فعله هذا غير صب الماء وقد أفاد ذلك نفى نسب الولد المخلوق من مائه منه وأنه لا يلحق به ولا تجب على المرأة العدة منه ولا تصير فراشا ولا يجب عليه مهر ولا يتعلق بذلك الوطء شيء من أحكام النكاح هذه المعاني كلها في مضمون هذا اللفظ والله أعلم بالصواب.
باب المتعة
قال الله تعالى (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) قال أبو بكر هو عطف على ما تقدم ذكره من إباحة نكاح ما وراء المحرمات في قوله تعالى (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) ثم قال (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ) يعنى دخلتم بهن (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) كاملة وهو كقوله تعالى (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) وقوله تعالى (فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) والاستمتاع هو الانتفاع وهو هاهنا كناية عن الدخول قال الله تعالى (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) يعنى تعجلتم الانتفاع بها وقال (فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ) يعنى بحظكم ونصيبكم من الدنيا فلما حرم الله تعالى من ذكر تحريمه في قوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) وعنى به نكاح الأمهات ومن ذكر معهن ثم عطف عليه