الحال التي يمكن فعلها فمن حيث جاز سقوط بعض أعضاء الطهارة وبقي البعض أشبه الصلاة والزكاة وسائر العبادات إذا اجتمع وجوبها عليه فيجوز تفريقها عليه وأيضا فإن الصلاة إنما لزم فيها الموالاة من غير فصل لأنه يدخل فيها بتحريمة ولا يصح بناء أفعالها إلا على التحريمة التي دخل بها في الصلاة فمتى أبطل التحريمة بكلام أو فعل لم يصح له بناء باقى أفعالها بغير تحريمة والطهارة لا تحتاج إلى تحريمة ألا ترى أنه يصح في أضعافها الكلام وسائر الأفعال ولا يبطلها ذلك وإنما شرط فيه من قال ذلك عدم جفاف العضو قبل إتمام الطهارة وجفاف العضو لا تأثير له في حكم رفع الطهارة ألا ترى أن جفاف جميع الأعضاء لا يؤثر في رفعها كذلك جفاف بعضها وأيضا فلو كان هذا تشبيها صحيحا وقياسا مستقيما لما صح في هذا الموضع إذ غير جائز الزيادة في النص بالقياس فلا مدخل للقياس هاهنا وأيضا فإنه لا خلاف أنه لو كان في الشمس ووالى بين الوضوء إلا أنه كان يجف العضو منه قبل أن يغسل الآخر إنه لا يوجب ذلك بطلان الطهارة كذلك إذا جف بتركه إلى أن يغسل الآخر.
(فصل) وقوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) الآية يدل على أن التسمية على الوضوء ليست بفرض لأنه أباح الصلاة بغسل هذه الأعضاء من غير شرط التسمية وهو قول أصحابنا وسائر فقهاء الأمصار وحكى عن بعض أصحاب الحديث أنه رآها فرضا في الوضوء فإن تركها عامدا لم يجزه وإن تركها ناسيا أجزأه ويدل على جوازه قوله تعالى (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) فعلق صحة الطهارة بالفعل من غير ذكر التسمية شرطا فيه فمن شرطها فهو زائد في حكم هذه الآيات ما ليس منها وناف لما أباحته من جواز الصلاة بوجود الغسل ويدل عليه من جهة السنة حديث ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه توضأ مرة مرة وقال هذا وضوء من لا يقبل الله له صلاة إلا به ولم يذكر فيه التسمية وقد علم الأعرابى الطهارة في الصلاة في حديث رفاعة بن رافع وقال لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء فيغسل وجهه ويديه إلى آخره ولم يذكر التسمية وحديث على وعثمان وعبد الله بن زيد وغيرهم في صفة وضوء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يذكر أحد منهم التسمية فرضا فيه وقالوا هذا وضوء رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلو كانت التسمية فرضا فيه لذكروها ولورد النقل به متواترا في وزن ورود النقل في سائر الأعضاء المفروض طهارتها لعموم الحاجة إليه فإن احتجوا