حدثنا محمد بن عباد قال حدثنا محمد بن سليمان عن مشمول عن عمرو بن تميم عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول إنا أهل بدو ونصيد بالكلاب المعلمة ونرمي الصيد فما يحل لنا من ذلك وما يحرم علينا قال إذا أرسلت كلبك المعلم وسميت فكل مما أمسك عليك أكل أو لم يأكل قتل أو لم يقتل وإذا رميت الصيد فكل مما أصميت ولا تأكل مما أنميت فحظر ما أنمى وهو غاب عنه وهو محمول على ما غاب عنه وتراخى عن طلبه لأنه لا خلاف أنه إذا كان في طلبه فأكل إن قيل فقد أباح في هذا الحديث أكل ما أكل منه الكلب وهو خلاف قولكم قيل له قد عارضه حديث عدى بن حاتم وقد تقدم الكلام فيه قوله تعالى (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) فإنه جائز أن يريد به اليوم الذي نزلت فيه الآية ويجوز أن يريد به اليوم الذي تقدم ذكره في موضعين أحدهما قوله (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) والآخر قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) قيل أنه يوم عرفة في حجة الوداع وقيل زمان رسول الله صلىاللهعليهوسلم كله على ما قدمنا من اختلاف السلف فيه والطيبات هاهنا يجوز أن يريد بها ما استطبناه واستلذذناه ما عدا ما بين تحريمه في هذه الآيات وفي غيرها فيكون عموما في إباحة جميع المتلذذات إلا ما قام دليل حظره ويحتمل أن يريد بالطيبات ما أباحه لنا من سائر الأشياء التي ذكر إباحتها في غير هذا الموضع وقوله تعالى (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) روى عن ابن عباس وأبى الدرداء والحسن ومجاهد وإبراهيم وقتادة والسدى أنه ذبائحهم وظاهره يقتضى ذلك لأن ذبائحهم من طعامهم ولو استعملنا اللفظ على عمومه لانتظم جميع طعامهم من الذبائح وغيرها والأظهر أن يكون المراد الذبائح خاصة لأن سائر طعامهم من الخبز والزيت وسائر الأدهان لا يختلف حكمها بمن يتولاه ولا شبهة في ذلك على أحد سواء كان المتولى لصنعه واتخاذه مجوسيا أو كتابيا ولا خلاف فيه بين المسلمين وما كان منه غير مذكى لا يختلف حكمه في إيجاب حظره بمن تولى إماتته من مسلم أو كتابي أو مجوسي فلما خص الله تعالى طعام أهل الكتاب بالإباحة وجب أن يكون محمولا على الذبائح التي يختلف حكمها باختلاف الأديان وأيضا فإن النبي صلىاللهعليهوسلم أكل من الشاة المسمومة المشوية التي أهدت إليه اليهودية ولم يسئلها عن ذبيحتها أهي من ذبيحة المسلم أم اليهودي واختلف الفقهاء فيمن انتحل دين أهل الكتاب من العرب فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر من كان يهوديا أو نصرانيا من العرب والعجم