يلزمه فرضها وقد روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال إن الرجل ليصلى الصلاة ولما فاته من وقتها خير له من أهله وماله فقد يكون وقت يلزمه به مدركه الفرض ويكره له تأخيرها إليه ألا ترى أنه يكره الإسفار بصلاة الفجر بمزدلفة ولم تخرجه كراهة التأخير إليه من أن يكون وقتا لها فكذلك الأخبار التي فيها تقدير آخر الوقت باصفرار الشمس واردة على فوات فضيلة الوقت الذي جعلها النبي صلىاللهعليهوسلم خيرا له من أهله وماله.
وقت المغرب
أول وقت المغرب من حين تغرب الشمس لا اختلاف بين الفقهاء في ذلك وقال الله عز وجل (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) وهو يقع على الغروب لما بيناه فيما سلف وقال تعالى (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) وهو ما قرب منه من النهار وهو أول أوقاته والله أعلم وقال تعالى (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ) قيل فيه إنه وقت المغرب وفي أخبار المواقيت عن النبي صلىاللهعليهوسلم من طريق ابن عباس وجابر وأبى سعيد وغيرهم أن النبي صلىاللهعليهوسلم صلى المغرب في اليومين جميعا حين غابت الشمس وقال سلمة بن الأكوع كنا نصلى المغرب مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا تواترت بالحجاب * وقد ذهب شواذ من الناس إلى أن أول وقت المغرب حين يطلع النجم واحتجوا بما روى أبو تميم الجيشاني عن أبى بصرة الغفاري قال صلى بنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلاة العصر فقال إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها فمن حافظ عليها منكم أوتى أجره مرتين ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد والشاهد النجم وهذا حديث شاذ لا تعارض به الأخبار المتواترة عن النبي صلىاللهعليهوسلم في أول وقت المغرب أنه حين تغيب الشمس وقد روى ذلك أيضا عن جماعة من الصحابة منهم عمر وعبد الله وعثمان وأبى هريرة* ويحتمل أن يكون خبر أبى بصرة في ذكر طلوع الشاهد غير مخالف لهذه الأخبار وذلك لأن النجم قد يرى في بعض الأوقات بعد غروب الشمس قبل اختلاط الظلام فلما كان الغالب في ذلك أنه لا يكاد يخلو من أن يرى بعض النجوم بعد غروب الشمس جعل ذلك عبارة عن غيبوبة الشمس وأيضا فلو كان الاعتبار برؤية النجم لوجب أن تصلى قبل الغروب إذا رؤي النجم لأن بعض النجوم قد يرى في بعض الأوقات قبل الغروب ولا خلاف أنه غير جائز فعلها قبل
«١٧ ـ أحكام لث»