مثل هذا فصنع مثل هذا وهذا هو اختيار لئلا تساكنه نفسه ولا تعتاد سماعه فيهون عنده أمره فأما أن يكون واجبا فلا قوله تعالى (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) روى عن على وابن عباس قالا سبيلا في الآخرة وعن السدى ولن يجعل الله لهم عليهم حجة يعنى فيما فعلوا بهم من قتلهم وإخراجهم من ديارهم فهم في ذلك ظالمون لا حجة لهم فيه ويحتج بظاهره في وقوع الفرقة بين الزوجين بردة الزوج لأن عقد النكاح يثبت عليها للزوج سبيلا في إمساكها في بيته وتأديبها ومنعها من الخروج وعليها طاعته فيما يقتضيه عقد النكاح كما قال تعالى (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) فاقتضى قوله تعالى (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) وقوع الفرقة بردة الزوج وزوال سبيله عليها لأنه مادام النكاح باقيا فحقوقه ثابته وسبيله باق عليها* فإن قيل إنما قال (عَلَى* الْمُؤْمِنِينَ) فلا تدخل النساء فيه* قيل له إطلاق لفظ التذكير يشتمل على المؤنث والمذكر كقوله (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) وقد أراد به الرجال والنساء وكذلك قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) ونحوه من الألفاظ ويحتج بظاهره أيضا في الكافر الذمي إذا أسلمت امرأته أنه يفرق بينهما إن لم يسلم وفي الحربي كذلك أيضا فإنه لا يجوز إقرارها تحته أبدا ويحتج به أصحاب الشافعى في إبطال شرى الذمي للعبد المسلم لأنه بالملك يستحق السبيل عليه وليس ذلك كما قالوا لأن الشرى ليس هو المنفي بالآية لأن الشرى ليس هو الملك والملك إنما يتعقب الشرى وحينئذ يملك السبيل عليه فإذا ليس في الآية نفى الشرى وإنما فيها نفى السبيل* فإن قيل إذا كان الشرى هو المؤدى إلى حصول السبيل وجب أن يكون منتفيا كما كان السبيل منتفيا قيل له ليس الأمر كذلك لأنه ليس يمتنع أن يكون السبيل عليه منتفيا ويكون الشرى المؤدى إلى حصول السبيل جائزا وإنما أردت نفى الشرى بالآية نفسها فإن ضممت إلى الآية معنى آخر في نفى الشرى فقد عدلت عن الاحتجاج بها وثبت بذلك أن الآية غير مانعة صحة الشرى وأيضا فإنه لا يستحق بصحة الشرى السبيل عليه لأنه ممنوع من استخدامه والتصرف فيه إلا بالبيع وإخراجه عن ملكه فلم يحصل له هاهنا سبيل عليه وقوله تعالى (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) قيل فيه وجهان أحدهما يخادعون نبي الله والمؤمنين بما يظهرون من الإيمان لحقن دمائهم ومشاركة المسلمين في غنائهم والله تعالى يخادعهم بالعقاب على خداعهم فسمى الجزاء