أربعا أيتهن شاء ومن الأختين أيتهما شاء إلا أن الأوزاعى روى عنه في الأختين أن الأولى امرأته ويفارق الآخرة وقال الحسن بن صالح يختار الأربع الأوائل فإن لم يدر أيتهن الأولى طلق كل واحدة حتى تنقضي عدتها ثم يتزوج أربعا* والدليل على صحة القول الأول قوله تعالى (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) وذلك خطاب لجميع المكلفين فكان عقد الكافر على الأختين بعد نزول التحريم كعقد المسلم في حكم الفساد فوجب التفريق بينه وبين الآخرة لوقوع عقدها على فساد بنص التنزيل كما يفرق بينهما لو نكحها بعد الإسلام لقوله تعالى (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) والجمع واقع بالثانية وإن كان تزوجهما في عقدة واحدة فهي فاسدة فيهما جميعا لوقوعها منهيا عنها بظاهر النص فدل ذلك من وجهين على ما ذكرنا أحدهما وقوع العقدة منهيا عنها والنهى عندنا يقتضى الفساد والثاني أنه منع الجمع بينهما بحال فلو بقينا عقده عليهما بعد الإسلام كنا مثبتين لما نفاه الله تعالى من الجمع فدل ذلك على بطلان العقد الذي وقع به الجمع ومن جهة النظر أنه لما لم يجز أن يبتدئ المسلم عقدا على أختين ولم يجز أيضا أن يبقى له عقد على أختين وإن لم تكونا أختين في حال العقد كمن تزوج رضيعتين فأرضعهما امرأة فاستوى حكم الابتداء والبقاء في نفى الجمع بينهما أشبه نكاح ذوات المحارم في استواء حال البقاء والابتداء فيهما فلما لم يختلف العقد على ذوات المحارم في وقوعه في حال الكفر وحال الإسلام ووجب التفريق متى طرأ عليه الإسلام وكان بمنزلة ابتداء العقد بعد الإسلام وجب مثله في نكاح الأختين وأكثر من أربع نسوة وكما لم يختلف حكم البقاء والابتداء فيهما كما قلنا في ذوات المحارم واحتج من خيره بعد الإسلام بحديث فيروز الديلمي الذي قدمناه وبما روى ابن أبى ليلى عن حميضة بن الشمر دل عن الحرث بن قيس قال أسلمت وعندي ثمان نسوة فأمرنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن أختار منهن أربعا وبما روى معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم خذ منهن أربعا فأما حديث فيروز فإن في لفظه ما يدل على صحة العقد وكان قبل نزول التحريم لأنه قال أيتهما شئت وهذا يدل على بقاء العقد عليهما بعد الإسلام وحديث الحارث بن قيس يحتمل أن يكون العقد كان قبل نزول التحريم فكان صحيحا إلى أن طرأ التحريم فلزمه اختيار الأربع منهن ومفارقة سائرهن كرجل له امرأتان فطلق إحداهما