فيقول له الملائكة لا تخف ولا تحزن فإنما يراد بهذا غيرك ويقولون له نحن أولياؤك في الحياة الدنيا فلا يفارقونه تأنيسا له إلى أن يدخل الجنة وقال أبو العالية (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) قال أخلصوا له الدين والعمل والدعوة قوله تعالى (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) قال بعض أهل العلم ذكر الله العدو فأخبر بالحيلة فيه حتى تزول عداوته ويصير كأنه ولى فقال تعالى (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) الآية قال وأنت ربما لقيت بعض من ينطوى لك على عداوة وضغن فتبدأه بالسلام أو تبسم في وجهه فيلين لك قلبه ويسلم لك صدره قال ثم ذكر الله الحاسد فعلم أن لا حيلة عندنا فيه ولا في استملاك سخيمته واستخراج ضغينته فقال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ـ إلى قوله ـ وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) فأمر بالتعوذ منه حين علم أن لا حيلة عندنا في رضاه قوله تعالى (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَ) الآية قال أبو بكر اختلف في موضع السجود من هذه السورة فروى عن ابن عباس ومسروق وقتادة أنه عند قوله (وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) وروى عن أصحاب عبد الله والحسن وأبى عبد الرحمن أنه عند قوله (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) قال أبو بكر الأولى أنها عند آخر الآيتين لأنه تمام الكلام ومن جهة أخرى أن السلف لما اختلفوا كان فعله بالآخر منهما أولى لا تفاق الجميع على جواز فعلها بأخراهما واختلافهم في جوازها بأولاهما قوله تعالى (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا) الآية يدل على أنه لو جعله أعجميا كان أعجميا فكان يكون قرآنا أعجميا وأنه إنما كان عربيا لأن الله أنزله بلغة العرب وهذا يدل على أن نقله إلى لغة العجم لا يخرجه ذلك من أن يكون قرآنا آخر سورة حم السجدة.
سورة حم عسق
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) فيه الدلالة على بطلان الاستئجار على ما سبيله أن لا يفعل إلا على وجه القربة لإخباره تعالى بأن من يريد حرث الدنيا فلا حظ له في الآخرة فيخرج ذلك من أن يكون قربة فلا يقع موقع الجواز وقوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك والسدى معناه إلا أن تودوني لقرابتي منكم قالوا كل