دلالة على أن الأب يستحق على ابنه الخدمة والمعونة لقوله تعالى (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) ولذلك قال أصحابنا إن الأب إذا استأجر ابنه لخدمته أن لا يستحق الأجر إن خدمه لأنها مستحقة عليه بغير الإجارة قوله تعالى (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) روى عن ابن عباس وقتادة أنه مثل ضرب للكافر الذي لا خير عنده والمؤمن الذي يكتسب الخير وقال الحسن ومجاهد هو مثل ضرب لعبادتهم الأوثان التي لا تملك شيئا والعدول عن عبادة الله الذي يملك كل شيء قال أبو بكر قد حوت هذه الآية ضروبا من الدلالة على أن العبد لا يملك أحدها قوله (عَبْداً مَمْلُوكاً) نكرة فهو شائع في جنس العبيد كقول القائل لا تكلم عبدا وأعط هذا عبدا أن ذلك ينتظم كل من يسمى بهذا الاسم وكذلك قوله (يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) فكل من لحقه هذا الاسم قد انتظمه الحكم إذ كان لفظا منكورا كذلك قوله (عَبْداً مَمْلُوكاً) قد انتظم سائر العبيد ثم قال (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) لا يخلو من أن يكون المراد نفى القدرة أو نفى الملك أو نفيهما ومعلوم أنه لم يرد به نفى القدرة إذ كان العبد والحر لا يختلفان في القدرة من حيث اختلفا في الرق والحرية لأن العبد قد يكون أقدر من الحر فعلمنا أنه لم يرد به نفى القدرة فثبت أنه أراد نفى الملك فدل على أن العبد لا يملك ووجه آخر وهو أنه تعالى جعله مثلا للأصنام فشبهها بالعبيد المملوكين في نفى الملك ومعلوم أن الأصنام لا تملك شيئا فوجب أن يكون من ضرب المثل به لا يملك شيئا وإلا زالت فائدة ضرب المثل به وكان يكون حينئذ ضرب المثل بالعبد الحر سواه وأيضا لو أراد عبدا بعينه لا يملك شيئا وجاز أن يكون من العبيد من يملك لقال ضرب الله مثلا رجلا لا يقدر على شيء فلما خص العبد بذلك دل على على أن وجه تخصيصه أنه ليس ممن يملك فإن قيل روى إبراهيم عن عكرمة عن يعلى بن منبه عن ابن عباس في هذه الآية أنها نزلت في رجل من قريش وعبده ثم أسلما فنزلت الأخرى في رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء إلى قوله (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قال كان مولى لعثمان وكان عثمان يكفله وينفق عليه الذي ينفق بالعدل وهو على صراط مستقيم والآخر أبكم وهذا يوجب أن يكون في عبد بعينه وقد يجوز أن يكون في العبيد من لا يملك شيئا كما يكون في الأحرار من لا يملك قيل له هذه الرواية ضعيفة عن ابن عباس وظاهر اللفظ ينفيها لأنه لو أراد عبدا بعينه لعرفه بالألف واللام ولم يذكره بلفظ