الصفة بل كانوا كما قال الله تعالى (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ) فكان الإيثار منهم أفضل من الإمساك والإمساك ممن لا يصبر ويتعرض للمسألة أولى من الإيثار وقد روى محارب بن دثار عن ابن عمر قال أهدى لرجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم رأس شاة فقال إن فلانا وعياله أحوج إلى هذا منابه فبعث إليه فلم يزل يبعث به واحدا إلى آخر حتى تداولها تسعة أهل أبيات حتى رجعت إلى الأول فنزلت (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) الآية وروى الأعمش عن جامع بن شداد عن الأسود بن هلال قال جاء رجل إلى عبد الله فقال يا أبا عبد الرحمن قد خفت أن تصيبني هذه الآية (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) فو الله ما أقدر على أن أعطى شيئا أطيق منعه فقال عبد الله هذا البخل وبئس الشيء البخل ولكن الشح أن تأخذ مال أخيك بغير حق وروى عن سعيد بن جبير في قوله تعالى (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) قال إدخال الحرام ومنع الزكاة آخر سورة الحشر.
سورة الممتحنة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) روى أنها نزلت في حاطب بن أبى بلتعة حين كتب إلى كفار قريش يتنصح لهم فيه فأطلع الله نبيه على ذلك فدعاه النبي صلىاللهعليهوسلم فقال أنت كتبت هذا الكتاب قال نعم قال وما حملك على ذلك قال أما والله ما ارتبت في الله منذ أسلمت ولكني كنت امرأ غريبا في قريش وكان لي بمكة مال وبنون فأردت أن أدفع بذلك عنهم فقال عمر ائذن لي يا رسول الله فأضرب عنقه فقال النبي صلىاللهعليهوسلم مهلا يا ابن الخطاب أنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فإنى غافر لكم حدثنا بذلك عبد الله بن محمد قال حدثنا الحسن بن أبى الربيع قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري في قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) عن عروة بن الزبير بمعنى ما قدمنا قال أبو بكر ظاهر ما فعله حاطب لا يوجب الردة وذلك لأنه ظن أن ذلك جائز له ليدفع به عن ولده وماله كما يدفع عن نفسه بمثله عند التقية ويستبيح إظهار كلمة الكفر ومثل هذا الظن إذا صدر عنه الكتاب الذي كتبه فإنه لا يوجب الإكفار ولو كان ذلك يوجب الإكفار لاستنابه النبي صلىاللهعليهوسلم فلما لم يستتبه وصدقه على ما قال علم أنه ما كان مرتد