إذا حجم أو سقى الدواء استنكر ظاهره وهو غير عالم بحقيقة معنى النفع والحكمة فيه فكذلك ما يفعل الله من الضرر أو ما يأمر به غير جائز استنكاره بعد قيام الدلالة أنه لا يفعل إلا ما هو صواب وحكمة وهذا أصل كبير في هذا الباب والخضر عليهالسلام لم يحتمل موسى أكثر من ثلاث مرات فدل على أنه جائز للعالم احتمال من يتعلم منه المرتين والثلاث على مخالفة أمره وأنه جائز له بعد الثلاث ترك احتماله.
في الكنز ما هو
قال الله تعالى (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) قال سعيد بن جبير علم وقال عكرمة مال وقال ابن عباس ما كان بذهب ولا فضة وإنما كان علما صحفا وقال مجاهد صحف من علم وقد روى عن أبى الدرداء عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله (وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما) قال ذهب وفضة ولما تأولوه على الصحف وعلى العلم وعلى الذهب وعلى الفضة دل على أن اسم الكنز يقع على الجميع لولاه لم يتأولوه عليه وقال الله تعالى (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) فخص الذهب والفضة بالذكر لأن سائر الأشياء إذا كثرت لا تجب فيها الزكاة وإنما تجب فيها الزكاة إذا كانت مرصدة للنماء والذهب والفضة تجب فيهما وإن كانا مكنوزين غير مرصدين للنماء قوله تعالى (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما) الآية فيه دلالة على أن الله يحفظ الأولاد لصلاح الآباء وقد روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال إن الله ليحفظ المؤمن في أهله وولده وفي الدويرات حوله ونحوه قوله تعالى (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) فأخبر بدفع العذاب عن الكفار لكون المؤمنين فيهم ونحوه قوله تعالى (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) آخر سورة الكهف.
سورة مريم
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) فمدحه بإخفاء الدعاء وفيه الدليل على أن إخفاءه أفضل من الجهر به ونظيره قوله تعالى (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) وروى سعد