وروى عن عمر وعلى أنهما رضى الله عنهما صلياها بعد الزوال ولما قال عبد الله إنى قدمت مخافة الحر عليكم علمنا أنه فعلها على غير الوجه المعتاد المتعارف بينهم ومعلوم أن فعل الفروض قبل أوقاتها لا يجوز لحر ولا لبرد إذا لم يوجد أسبابها ويحتمل أن يكون فعلها في أول وقت الظهر الذي هو أقرب أوقات الظهر إلى الضحى فسماه الراوي ضحى لقربه منه كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يتسحر تعالى إلى الغداء المبارك فسماه غداء لقربه من الغداء وكماقال حذيفة تسحرنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان نهارا والمعنى قريب من النهار ولما اختلف الفقهاء في الذي يلزم من الفرض بدخول الوقت فقال قائلون فرض الوقت الجمعة والظهر بدل منها وقال آخرون فرض الوقت الظهر والجمعة بدل منه استحال أن يفعل البدل إلا في وقت يصح فيه فعل المبدل عنه وهو الظهر ولما ثبت أن وقتها بعد الزوال ثبت أن وقت النداء لها بعد الزوال كسائر الصلوات وقوله تعالى (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) قرأ عمر وابن مسعود وأبى وابن الزبير فامضوا إلى ذكر الله قال عبد الله لو قرأت فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي قال أبو بكر يجوز أن يكون أراد التفسير لا نص القراءة كما قال ابن مسعود للأعجمى الذي كان يلقنه (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) فكان يقول طعام اليتيم فلما أعياه قال له طعام الفاجر وإنما أراد إفهامه المعنى وقال الحسن ليس يريد به العدو وإنما السعى بقلبك ونينك وقال عطاء السعى الذهاب وقال عكرمة السعى العمل قال أبو عبيدة فاسعوا أجيبوا وليس من العدو قال أبو بكر الأولى أن يكون المراد بالسعي هاهنا إخلاص النية والعمل وقد ذكر الله السعى في مواضع من كتابه ولم يكن مراده سرعة المشي منها قوله (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) وإنما أراد العمل وروى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا ثوب بالصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ولكن ائتوها وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ولم يفرق بين الجمعة وغيرها واتفق فقهاء الأمصار على أنه يمشى إلى الجمعة على هينته.
(فصل) واتفق فقهاء الأمصار على أن الجمعة مخصوصة بموضع لا يجوز فعلها في غيره لأنهم مجمعون على أن الجمعة لا تجوز في البوادي ومناهل الأعراب فقال أصحابنا هي مخصوصة بالأمصار ولا تصح في السواد وهو قول الثوري وعبيد الله بن الحسن
«٢٢ ـ أحكام مس»