شريك عن السدى عن عبد خير قال قال على رضى الله عنه يوم الجمل لا تقتلوا أسيرا ولا تجهزوا على جريح ومن ألقى السلاح فهو آمن قال أبو بكر هذا حكم على رضى الله عنه في البغاة ولا نعلم له مخالفا من السلف وقال أصحابنا إذا لم تبق لأهل البغي فئة فإنه لا يجهز على جريح ولا يقتل أسير ولا يتبع مدبر فإذا كانت لهم فئة فإنه يقتل الأسير إن رأى ذلك الإمام ويجهز على الجريح ويتبع المدبر وقول على رضى الله عنه محمول على أنه لم تبق لهم فئة لأن هذا القول إنما كان منه في أهل الجمل ولم تبق لهم فئة بعد الهزيمة والدليل عليه أنه أسر بن بثرى والحرب قائمة فقتله يوم الجمل فدل ذلك على أن مراده في الأخبار الأول إذا لم تبق لهم فئة.
باب في قضايا البغاة
قال أبو يوسف في البرمكي لا ينبغي لقاضى الجماعة أن يجيز كتاب قاضى أهل البغي ولا شهادته ولا حكمه قال أبو بكر وكذلك قال محمد وقال لو أن الخوارج ولوا قاضيا منهم فحكم ثم رفع إلى حاكم أهل العدل لم يمضه إلا أن يوافق رأيه فيستأنف القضاء فيه قال ولو ولوا قاضيا من أهل العدل بقضية أنفذها من رفعت إليه كما يمضى قضاء أهل العدل وقال مالك فيما حكم به أهل البغي تكشف أحكامهم فما كان منها مستقيما أمضى وقال الشافعى إذا غلب الخوارج على مدينة فأخذوا صدقات أهلها وأقاموا عليهم الحدود لم تعد عليهم ولا يرد من قضاء قاضيهم إلا ما يرد من قضاء قاضى غيرهم وإن كان غير مأمون برأيه على استحلال دم أو مال لم ينفذ حكمه ولم يقبل كتابه قال أبو بكر إذا قاتلوا وظهر بغيهم على أهل العدل فقد وجب قتلهم وقتالهم فغير جائز قبول شهادة من هذه سبيله لأن إظهار البغي وقتالهم لأهل العدل هو فسق من جهة الفعل وظهور الفسق من جهة الفعل يمنع قبول الشهادة كشارب الخمر والزاني والسارق فإن قيل فأنت تقبل شهادتهم فهلا أمضيت أحكامهم قيل له قد قال محمد بن الحسن إنهم إنما تقبل شهادتهم ما لم يقاتلوا ولم يخرجوا على أهل العدل فأما إذا قاتلوا فإنى لا أقبل شهادتهم فقد سوى بين القضاء وبين الشهادة ولم يذكر في ذلك خلافا بين أصحابنا وهذا سديد والعلة فيه ما ذكرنا فإن قيل فقد قالوا إن الخوارج إذا ظهروا وأخذوا صدقات المواشي والثمار إنه لا يعاد على أربابها فجعلوا أخذهم بمنزلة أخذ أهل العدل قيل له إن الزكاة لا تسقط عنهم بأخذ هؤلاء لأنهم قالوا إن على أرباب