يقاتل المشركون على إظهار الإسلام فمتى أظهروه زال عنهم ألا ترى أن قطاع الطريق والمحاربين يقاتلون ويقتلون مع قولهم لا إله إلا الله.
باب ما يبدأ به أهل البغي
قال الله تعالى (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) قال أبو بكر أمرا عند ظهور القتال منهم بالإصلاح بينهما وهو أن يدعوا إلى الصلاح والحق وما يوجبه الكتاب والسنة والرجوع عن البغي وقوله تعالى (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى) يعنى والله أعلم إن رجعت إحداهما إلى الحق وأرادت الصلاح وأدامت الأخرى على بغيها وامتنعت من الرجوع فقاتلوا التي تبغى حتى تفي إلى أمر الله فأمر تعالى بالدعاء إلى الحق قبل القتال ثم إن أبت الرجوع قوتلت وكذا فعل على بن أبى طالب كرم الله وجهه بدأ بدعاء الفئة الباغية إلى الحق واحتج عليهم فلما أبوا القبول قاتلهم وفي هذه الآية دلالة على أن اعتقاد مذاهب أهل البغي لا يوجب قتالهم ما لم يقاتلوا لأنه قال (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) فإنما أمر بقتالهم إذا بغوا على غيرهم بالقتال وكذلك فعل على بن أبى طالب رضى الله عنه مع الخوارج وذلك لأنهم حين اعتزلوا عسكره بعث إليهم عبد الله بن عباس فدعاهم فلما أبوا الرجوع ذهب إليهم فحاجهم فرجعت منهم طائفة وأقامت طائفة على أمرها فلما دخلوا الكوفة خطب فحكمت الخوارج من نواحي المسجد وقالت لا حكم إلا الله فقال على رضى الله عنه كلمة حق يراد بها باطل أما إن لهم ثلاثا أن لا نمنعهم مساجد الله أن يذكروا فيها اسمه وأن لا نمنعهم حقهم من الفيء مادامت أيديهم مع أيدينا وأن لا نقاتلهم حتى يقاتلونا
. باب الأمر فيما يؤخذ من أموال البغاة
قال أبو بكر اختلف أهل العلم في ذلك فقال محمد في الأصل لا يكون غنيمة ويستعان بكراعهم وسلاحهم على حربهم فإذا وضعت الحرب أوزارها رد المال عليهم ويرد الكراع أيضا عليهم إذا لم يبق من البغاة أحد وما استهلك فلا شيء فيه وذكر إبراهيم بن الجراح عن أبى يوسف قال ما وجد في أيدى أهل البغي من كراع أو سلاح فهو فيء يقسم ويخمس وإذا تابوا لم يؤخذوا بدم ولا مال استهلكوه وقال مالك ما استهلكه الخوارج