ظهرها للأحياء وبطنها للأموات والكفات الضمام فأراد أنها تضمهم في الحالين وروى إسرائيل عن أبى يحيى عن مجاهد ألم نجعل الأرض كفاتا قال تكفت الميت فلا يرى منه شيء وأحياء قال الرجل في بيته لا يرى من عمله شيء قال أبو بكر وهذا يدل على وجوب مواراة الميت ودفنه ودفن شعره وسائر ما يزايله وهذا يدل على أن شعره وشيئا من بدنه لا يجوز بيعه ولا التصرف فيه لأن الله قد أوجب دفنه وقال النبي صلىاللهعليهوسلم لعن الله الواصلة وهي التي تصل شعر غيرها بشعرها فمنع الانتفاع به وهو معنى ما دلت عليه الآية وهذه الآية نظير قوله تعالى (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ) يعنى أنه جعل له قبرا وروى في تأويل الآية غير ذلك وعن ابن مسعود أنه أخذ قملة فدفنها في المسجد في الحصى ثم قال الله تعالى (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَأَمْواتاً) وعن أبى أمامة مثله وأخذ عبيد بن عمير قملة عن ابن عمر فطرحها في المسجد قال أبو بكر هذا التأويل لا ينفى الأول وعمومه يقتضى الجميع آخر سورة المرسلات.
سورة إذا السماء انشقت
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) قال مجاهد الشفق النهار ألا تراه قال الله تعالى (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) وقال عمر بن عبد العزيز الشفق البياض وقال أبو جعفر محمد بن على الشفق السواد الذي يكون إذا ذهب البياض قال أبو بكر الشفق في الأصل الرقة ومنه ثوب شفق إذا كان رقيقا ومنه الشفقة وهو رقة القلب وإذا كان هذا أصله فهو البياض أولى منه بالحمرة لأن أجزاء الضياء رقيقة في هذه الحال وفي وقت الحمرة أكثف وقوله تعالى (وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) يستدل به على وجوب سجدة التلاوة لذمه لتارك السجود عند سماع التلاوة وظاهره يقتضى إيجاب السجود عند سماع سائر القرآن إلا أنا خصصنا منه ما عدا مواضع السجود واستعملناه في مواضع السجود بعموم اللفظ ولأنا لو لم نستعمله على ذلك كنا قد ألغينا حكمه رأسا فإن قيل إنما أراد به الخضوع لأن اسم السجود يقع على الخضوع قيل له هو كذلك إلا أنه خضوع على وصف وهو وضع الجبهة على الأرض كما أن الركوع والقيام والصيام والحج وسائر العبادات خضوع ولا يسمى سجودا لأنه خضوع على صفة إذا خرج عنها لم يسم به آخر سورة إذا السماء انشقت.