الإفراط أو التفريط بها .. إضافة إلى كلّ ذلك لا يحصل عليها بمشقّة ، ولا يخاف من انتهائها ، ولذلك فهي هنيئة! (١).
ومن المعلوم أنّ أطعمة الجنّة هنيئة بذاتها ، ولكنّ قول الملائكة لأهل الجنّة «هنيئا» هذا القول له لطفه وعذوبته الخاصّة.
والنعمة الاخرى التي يتمتّع بها أهل الجنّة هي كونهم : (مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ).
فهم يلتذّون بالاستئناس إلى أصحابهم والمؤمنين الآخرين ، وهذه لذّة معنوية فوق أيّة لذّة اخرى!.
و «سرر» جمع سرير ، وأصل المادّة هو «السرور» وتطلق السرر على الكراسي المهيأة لمجالس السرور ليتّكأ عليها.
و «مصفوفة» من مادّة صف ، ومعناها أنّ هذه السرر مرتبة واحدا إلى جنب الآخر ويتشكّل منه مجلس عظيم للأنس.
ونقرأ في آيات متعدّدة من القرآن أنّ أهل الجنّة يجلسون على سرر متقابلين. [الحجر الآية ٤٧ والصافات الآية ٤٤].
وهذا التعبير لا ينافي ما ورد في هذه الآية محلّ البحث ، لأنّ مجالس الانس والسرور ترتّب الأسّرة فيها على شكل مستدير ومصفوفة جنبا إلى جنب ، فجلّاسها على سرر مصفوفة متقابلون!.
والتعبير بـ «متكئين» إشارة إلى منتهى الهدوء ، لأنّ الإنسان عند الهدوء يتكئ عادة ، والذين هم في قلق وحزن لا يرون كذلك!.
ثمّ يضيف القرآن بأنّا زوجناهم من نساء بيض جميلات ذوات أعين واسعة (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) (٢).
__________________
(١) يقول الراغب في مفرداته : الهنيء كلّ ما لا يلحق فيه المشقّة ولا يعقبه وخامة ..
(٢) «الحور» : جمع (حوراء) وأحور ، فهو جمع للمذكّر والمؤنث سواء ، ويطلق على من حدقة عينه سوداء وبياضها شفّاف أو