[٣] من هم المتقون؟ وما هي صفاتهم البارزة؟
أهم تلك الصفات هي الإيمان بالغيب والذي يعني تجاوز الحقائق التي يشهدها الإنسان مباشرة ، للوصول الى تلك التي لا يشهدها مباشرة. هذه المقدرة التي تجعلنا ـ نحن البشر ـ نحصل على ميزة العلم بالمستقبل (الغيب) عن طريق معرفة الحاضر (الشهود) والعلم بالماضي (الغيب) عن طريق مشاهدة آثاره على الحقائق الحاضرة (الشهود).
هذه الصفة تتعمق في المتقين الى درجة الإيمان فهم يؤمنون بالمستقبل وليس يعرفونه فقط ، ويؤمنون بالماضي وليس يعلمون به فحسب ، وفرق كبير بين الإيمان والعلم. الإيمان هو التسليم النفسي والعقلي للعلم ، وتطبيقه على الحياة فعلا.
وأعظم الغيب وأظهره هو الإيمان بالله الذي انتشرت آياته الظاهرة على كلّ أفق وفي كلّ شيء ، والإيمان به أصل الإيمان؟.
والإيمان بالغيب يتعمق بالصلاة التي تفتح خطا روحيا مباشرا بين الإنسان وبين الله ، وتصبح جسرا بين الحضور وبين الغيب. وتتجسد هذه الصلة في العطاء الشامل. فلا إيمان ولا صلة من دون تصديق ذلك بالعطاء والإنفاق.
ولكن من أيّ شيء يتم العطاء. هل من أنفسنا نعطي شيئا لله؟ كلّا انما نقتطع جزء صغيرا مما أنعم الله علينا فننفق منه. ولكل شيء عطاء مناسب له فالمال بصرفه ، والجاه ببذله ، والعلم بنشره وهكذا.
من هنا كان :
(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)