ويسمي القرآن النفاق هنا طغيانا لأنه لا ينشأ إلّا بسبب فقدان العبودية لله والاستسلام لشهوات الذات ، وضغوط المجتمع. إذن هناك أربع أزمات يواجهها المنافق بسبب خداعه الذاتي :
أولا : ازدياد مرضه النفسي والمؤدي به نحو العذاب الأليم.
ثانيا : توغله في الفساد.
ثالثا : انفصاله عن خبرات المجتمع وانعزاله في قوقعة ذاته.
رابعا : ضياع فرصة الهداية الى الأبد ، والعمى النفسي.
[١٦] ويضرب الله لنا الأمثال حتى نفهم حقيقة النفاق ، ونتحذر منه فيقول : مثل النفاق مثل من يشتري شيئا ويدفع الثمن ، فلا يعطيه البائع البضاعة ، فيخسر ماله ولا يحصل على بضاعة. هكذا يشتري المنافق الدنيا بالآخرة يعطي الحق والهداية ليأخذ السعادة في الدنيا فلا يحصل على هذه ويخسر تلك.
(أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) [١٧]
ومثال آخر يضربه القرآن ليكشف لنا جانبا آخر من النفاق :
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ)
انطفأت ولم يبق أمامه إلّا الدخان والرماد.
(وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ)
ان الهداية نور أضاءه الله للإنسان ، والمنافق كان قريبا من النور ، وظاهريا