الآخرين بل يحاول عبادة ذاته ، والتطواف حول مصالحه يدور معها أينما دارت ، هذا الفاسق هو الوحيد الذي يستكبر ، لأنه لا يستطيع ان يرى الآخرين. لا يرى الّا نفسه فقط وكأنها الوحيدة في العالم. فكيف يقدر على الانتفاع بتجارب الآخرين وهو لا يؤمن أساسا بوجودهم.
من هنا يربط منهج القرآن في العلم بين طائفة من الأخلاق وبين العلم ـ حسبما نشرحها في الآية التالية.
اما هذه الاية فتقول :
(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها)
فما دام الله يحترم البعوضة ولا يستحي ان يضرب مثلا بها ، لأنها تمثل جانبا من الحق ، والله لا يستحي من الحق. فما دام الله ربنا لا يستحي ، فلما ذا نستكبر ـ نحن البشر ـ على الاستفادة من البعوضة فما فوقها.
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ)
لأنهم آمنوا ، ولأنهم يقدّسون الحق انّى وجدوه حتى لو وجدوه في البعوضة الصغيرة.
(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً)
وكأنّهم يستهزءون بالبعوضة ويستصغرون شأنها ، يقول الله : كلا ان هذه البعوضة يمكن ان تكون موضع ابتلاء فتشكل خطا فاصلا بين طائفتين كبيرتين من الناس
(يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً)