كيف وفر الله السلام في مكة .. لأنه جعل فيها مقام إبراهيم .. وإبراهيم الجد الأعلى لاكثر العرب ومن ثم رمز الوحدة بين الناس .. من هنا جاء الأمر الالهي بتقديس مقام إبراهيم (وهو الحجر الوحيد الذي اعطي له قيمة بعد الحجر الأسود) وقال الله :
(وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى)
اي اجعلوا صلاتكم عند مقام إبراهيم. بشرط ان تكون الصلاة لله .. ولكن مع تذكر فضل إبراهيم عليكم حيث أصبح وسيلة لهداية الله لكم.
الإسلام لا يقدس شيئا من دون الله ولكنه يعطي لكثير من الأشياء أو الأشخاص قيمة التوسط بين العباد وبين فضل الله ، فالغني المنفق في سبيل الله واسطة لبلوغ نعمة الله «وهو المال الى الفقير» ويجب ان يشكر الفقير ربه قبل كل شيء والآمر بالخير والداعي الى الله واسطة في هداية الناس ، والأنبياء هم وسائل يهدي بهم الله عباده صراطا مستقيما وحين نشكرهم أو نقدرهم ليس شكرا ذاتيا ولا تقديرا الوهيا بل شكرا وتقديرا يسبقه شكرنا لله وتقديسنا له.
ومقام إبراهيم من ذلك النوع حيث اننا لا نقدسه بل نقف نصلي لله عنده تقديرا لمقام إبراهيم ومن ثم لإبراهيم نفسه.
وما لبث ان ذكرنا القرآن الحكيم بهذه الحقيقة حيث نبهنا الى ان إبراهيم امر بأن يطهر بيت الله من الأصنام فكيف يمكن ان يتخذ مقامه صنما يعبد من دون الله.
(وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ)
من كل دنس ظاهر أو باطن واعدوه ..