(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
الرؤساء والملوك الذين يحاربون الدعوات الاصلاحية ، والأغنياء والمترفون الذين يناهضون الثورات ، والأحبار والرهبان والعلماء الذين يعادون الأفكار التقدمية ، انما هم ظالمون ويخشون العدالة والإصلاح. وكل ظالم اختار عمليا سبيل الاعتداء على حقوق الناس ، فهو سيقف في صف الباطل ـ فكريا ـ كما وقف في صفّه ـ عمليا ـ ويكفر بالحق عاجلا أم آجلا.
[٢٥٩] اما الذين التزموا بالحق عمليا ولم يعتدوا على حقوق الناس ، فسوف يهديهم الله ، لان فطرتهم سليمة ولا تحجبهم عن رؤية الحقائق سوى الغفلة التي يكشفها الله عنهم ، فاذا بهم يبصرون الحقائق مثلهم مثل عزيز وإبراهيم ، حيث هداهم الله الى نفسه حين عرفهم انه هو واهب الموت والحياة جميعا ، وانه قادر على ان يحيي الموتى.
ان سياق الآيات لا يزال يحدثنا عن تدبير الله سبحانه مباشرة للحياة ، ويلهمنا افكارا ـ عملية ـ مستوحاة من هذه الحقيقة ولقد رأينا آية الكرسي كيف انتهت بنا الى ضرورة رفض حكم الطواغيت ، اما هنا فينتهي بنا السياق الى ضرورة الايمان بالبعث انطلاقا من الايمان بقدرة الله الواسعة. لنعد الى الآية ولنستمع الى قصة عزير الذي هداه الله الى نفسه.
(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ)
وكان مع عزير حماره وطعامه ، الحمار كان قد أصبح رميما ، اما طعامه فلم يزل طريا كذلك أراد الله ان يبين لعبده قدرته وتدبيره المباشر لشؤون الحياة فقال له :