وليس العكس .. والسبب ان الشرط المسبق للمعرفة هو الاستعداد النفسي لتقبلها والتسليم لها متى ما ظهرت له.
ان الفرد الذي يتكبر ـ سلفا ـ على الحق ، ويستبطن في نفسه رفض الحق أن جاءه فسوف لن يصل الى المعرفة وإنما يعرف الراسخون في العلم التأويل الصحيح للقرآن ، لأنهم يؤمنون به سلفا ولا يريدون تكييف القرآن حسب أهوائهم ، انما يبتغون الاتباع والتسليم.
(يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ)
هناك قضايا واضحة كالقضايا التي تحدثت الآيات الماضية عنها ، ولكنها تحتاج الى التنبه إليها ، فمن يتنبه انما الذي يمتلك اللب يتذكر ومن لا يمتلك كيف لا يتذكر وبما ذا يتذكر انما باللب فما هو اللب؟
هل هو العقل باعتباره جوهر الإنسان ولبه ، أم ان أولي الألباب هم الذين لا يهتمون بالقشور والظواهر ، وانما بالحقائق التي تكشف الظواهر عنها.
[٨] من الذي يكشف انحراف النفس (زيغ القلب) غير الإنسان ذاته. وبالرغم من ان الآخرين قد يساعدونه في التنبيه الى زيغه وانحرافه ، الا انهم لا يقدرون على إصلاحه الّا إذا أراد هو.
الوعي الذاتي لا يصلح القلب بعد الزيغ فحسب ، انما يمنع عنه الزيغ في المستقبل أيضا. لذلك تجد الراسخين في العلم يتوسلون إلى الله من أجل الا تزيغ قلوبهم. وبهذا الدعاء يخلق الله في أنفسهم مناعة عن الزيغ ووعي ذاتي لاكتشافه متى تسرب إلى قلوبهم ، فهم يكررون أبدا :
(رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ