بدقة وتحديد. وإذا كان قياس موارد الاستعمال ببعضها أفضل السبل لمعرفة المعنى الحقيقي للفظ ما ، فان أفضل قياس من هذا النوع هو قياس موارد استعمال الكلمة في القرآن ذاته ، إذ أنه ـ ولا ريب ـ ذروة البلاغة العربية ، التي عجز عن تحديه أبلغ فصحاء العرب.
من هنا يجدر بالذي يريد التدبر في القرآن ذاته ، أن يبحث عن المعنى المحدد للكلمة في آيات القرآن ذاته ، ليجد ـ بقياس بعض المواقع المستعملة فيها الكلمة ببعضها ـ ليجد بذلك المعنى الدقيق الذي يقصده القرآن.
(ب) السياق :
لو بحثنا عن أول يوم تعلمنا فيه اللغة لعرفنا أن السياق كان أول سبيل لهذا التعليم. فالوالد استعمل لفظ العصى عند ما ما كان يتكلم عن الضرب فعرفنا أنه وسيلة الضرب والوالدة أطلقت لفظة الولاعة حينما تكلمت عن الطبخ فعرفنا أنها وسيلة النار. و.. و.
ولا ريب أن وجود اللفظ في اطاره المتناسب يوحي بمعناه ربما أكثر من تفسير اللفظ بدون سياق يحده.
والقرآن الحكيم ، ذلك الكتاب البليغ الذي يناسب بين المفردات في اطار السياق بحيث يصعب عليك تبديل لفظه بأخرى دون ان تضر بتناسب الكلمات.
لذلك يهدينا السايق ذاته الى المعاني الدقيقة للكلمات لأنها وضعت في موقع متناسب جدا مع تلك المعاني ، فاذا أردنا أن نعرف بالدقة معنى اللفظ كان علينا مراجعة ما قبلها وما بعدها ، لمعرفة ما يتناسب معهما من معنى لهذه الكلمة ، فمثلا لو أردنا ، أن نكتشف معنى «قصد» في هذه الآية.