[٣٤] ولم يكن هذا الاصطفاء بسبب عنصري والدليل على ذلك ان الله اختار آدم وآدم أب الناس جميعا. ثم اختار من آل إبراهيم ومن آل عمران ، أنبياء دون ان يميز واحدا على آخر. فلم يكن عنصر آل عمران أفضل من سائر فصائل آل إبراهيم المنحدرين من غير عمران .. بل هؤلاء بعضهم من بعض دون تمييز :
(ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فيختار من عبادة ، من يرى فيه صلاحية الاختيار. ولا يختار رسله من عنصر معين انى كانوا.
في رحاب الاختيار :
[٣٥] ولنستمع الى قصة واحدة لهذا الاختيار ، ولتبدأ القصة من هناك ، من داخل القلب الطاهر والنية الصادقة والايمان التائب :
(إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
انها كانت كأية امرأة اخرى ، حملت بجنين ، وأخذت تفكر في مصير الجنين الجديد. لم تفكر في ان يصبح رجلا ثريا ، أو ملكا كبيرا ، أو عالما ، أو طبيبا ، أو مهندسا أو ما أشبه. ولم تحلم بأيامها معه في المستقبل ، حيث يساعدها على مشاكل الحياة حين تضعف مقاومتها للمشاكل. كلا لم تفكر امرأة عمران بهذه الأحلام المادية ، بل فكرت في رسالة الإنسان في الحياة ، وهي عبادة الله ، والعمل في سبيله. فنذرت ان تجند ابنها لهذه الغاية ، وتحرره من اية روابط اجتماعية ، اخرى ، حتى يتفرغ في سبيل الله ثم تضرعت الى الله ان يتقبله بفضله.
[٣٦] وكانت هذه أمنية امرأة عمران طوال فترة الحمل ، حتى إذا وضعت أنثى