رسول الله الذي يجسد ذلك الكتاب لا يمكن فصلهما عن بعضهما أبدا لذلك تجد القرآن بدّل التعبير فلم يقل ـ من يعتصم بهما (كتاب الله ورسول الله) بل قال بالله ، للدلالة عن انهما شيء واحد.
[١٠٢] من السهل ان يؤمن البشر بربه وبكتبه ورسله ولكن الصعب هو تحديه لشهواته ، حيث تثور عليه كما يثور البركان ويتحدى الضغوط حين تتزاحم عليه من كل جانب ، الّا إذا خشي الإنسان ربه ، وتذكر عظمته وتذكر الموت والحساب ، وبالتالي أصبح متقيا.
وإذا تراخى الإنسان امام شهواته أو ضغوط الحياة فانه قد يموت في لحظة تراخيه وابتعاده عن الايمان فيموت كافرا ، ولذلك كان على الإنسان ان يصمم على المقاومة حتى الموت ، متحديا كل الضغوط ، هكذا يأمرنا الله.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
«حق تقاة الله» هو التصميم على الاستمرار في خط الرسالة حتى الموت.
ومناسبة الحديث عن الاستقامة والاستمرار هنا هي مقاومة ضغوط الانحراف باتجاه الكفر بعد الايمان الذي تحدث عنه القرآن في الآية السابقة وكذلك بمناسبة الحديث عن ضرورة الوحدة إذ الاختلاف لا ينشأ الّا لضعف التقوى على النفوس.
[١٠٣] الاعتصام بكتاب الله وبالرجل الذي يمثل هذا الكتاب هو حبل الله الذي تحدثت عنه. الآية الاولى ، وهذه الآية ، وهو الطريق الوحيد للوحدة الحقيقية التي بدونها لا معنى للوحدة. بل للدجل والنفاق.
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)