ان تكرار توجيه القرآن الى جزاء الشكر في آيتين هنا ، يأتي لمواجهة صفة الجزع والهلع التي تصيب الإنسان الساذج عند ما تقع الحرب. فيتساءل : لماذا الحرب ، لما ذا نقاتل. لماذا نقتل بل لماذا نقتل الناس ..؟
والقرآن يزرع في قلوب المؤمنين الاطمئنان ، والشعور بالرضا بهذا الواقع مؤقتا ، لحين تغييره بالأفضل ، وتركيز النظر في الجوانب الايجابية له ، وذلك بالشكر لله على نعمه ، والعمل بمسئوليات تلك النعم.
كيف قاتل الرّبيّون :
[١٤٦] والحرب ليست بدعة في تاريخ الرسالة. انها كانت قديما وكان المقاتلون الرساليون هم ابرز من دخل المعارك ، فما كان يصيبهم وهن نفسي (جبن ـ جزع ـ تردد) ، ولا ضعف بدني ، ولا كسل ، انما كانوا مطمئنين قلبيا ، أقوياء بدنيا ، نشطين حربيا ، وصابرين على البأس ، فأحبهم الله وجزاهم النصر في الدنيا ، والجنة في الآخرة.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)
كلمة كأيّن للدلالة على الكثرة ، والقتال معه يدل على ان النبي نفسه كان يقاتل ، والربيون هم المنتسبون الى الرب ، اي مجاهدون من أجل الله.
(فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)
لقد كانت عناصر الانتصار مكتملة عندهم : القوة الروحية ، والقناعة بالفكرة ، والاستعداد للتضحية من أجلها ، والقوة المادية ، والنشاط ، والصبر.