ويبدو أنّ الفئة الاولى سارعوا في أعمال الكفر ، أمّا هؤلاء فقد أعلنوا تمردهم علنا وربما لذلك كان عذاب الفئة الاولى عظيما (من الناحية الكمية) ، وعذاب هؤلاء أليما (من الناحية الكيفية).
[١٧٨] ويعتقد هؤلاء بأن مكاسب الكفار دليل على تفوقهم في الدنيا ، أو حتى قربهم الى الله. ولا يعرفون ان زيادة الثروة ، أو الانتصار ، أو ما أشبه ، من مكاسب الدنيا ، قد تكون طريق النهاية ، إذ يسبب الطغيان ، والطغيان يسبب الانفلات والفوضى ، وبالتالي التوغل في الذنوب ، ونهاية الذنوب معروفة. إذا فقد يمكن ان يزيد الله الكفار بعض النعم ، بهدف تحطيمهم وأبادتهم.
(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)
ان النعمة سلاح ذو حدين ، وان الايمان بالله ، هو الذي يمنع تحول النعمة الى سبب للخسارة. فاذا فقد الإنسان الايمان ، فان النعم تضره بدل ان تنفعه.
ولنتصور طفلا ، أو مجنونا تعطى له قيادة السيارة ، فكلما زاد وقود السيارة واندفاعها ، كلما كانت أقرب الى الهلاك والدمار.
والطغيان الذي يتشبع به الكفار ، نتيجة النعم يقابل عند الله ، بالمهانة لأن الطغيان يدعو إلى الاستكبار.
[١٧٩] تمييز الخبيث من الناس ، عن الطيب نتيجة طبيعية للهزيمة ، حيث يتعرض الجميع للضغوط فينهار المنافقون ، ويصمد المؤمنون الصادقون ، السؤال : لماذا لم يميز الله الخبيث من الطيب غيبيا ، بأن ينزل قائمة بأسماء هؤلاء وهؤلاء؟
الجواب : ان الحياة الدنيا هي حياة المسؤولية. ولا يتدخل الغيب فيها إلّا