هذا الموضع زاوية المسجد ، وكانت فيه منارة من عمل أبي جعفر أمير المؤمنين ، وردّه في العراض حتى وصله بعمل الوليد بن عبد الملك الذي في أعلى المسجد ، وانما كان عمل أبي جعفر طاقا واحدا ، وهو الطاق الأول الداخل اللاصق بدار شيبة ودار الندوة ودار العجلة ودار زبيدة ، فذلك الطاق وهو من عمل أبي جعفر لم يغيّر ولم يحرك عن حاله إلى اليوم ، وإنما عمل الفسيفساء فيه لأنه كان وجه المسجد يومئذ ، وكان بناء المسجد من شق الوادي من الأحجار النادرة التي وضعت عند بيت الزيت من أول الأساطين المبيضة عند منتهى أساطين الرخام فكان هذا / الموضع مستقيما على المطمار حتى يلصق ببيت الشراب على ما وصفنا في أول الكتاب ، وكان عمل أبي جعفر أمير المؤمنين إياه بأساطين الرخام طاقا واحدا ، وأزّر المسجد كما يدور من بطنه بالرخام ، وجعل في وجه الأساطين الفسيفساء ، فكان هذا عمل أبي جعفر المنصور على ما وصفنا ، وكتب على باب المسجد الذي يمر منه سيل المسجد وهو باب بني جمح الذي يقال له : باب ابراهيم ، وهو آخر عمل أبي جعفر في تلك الناحية في فسيفساء مذهّب ، وهو قائم إلى اليوم بسم الله الرّحمن الرّحيم ، محمّد رسول الله أرسله (بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ ، فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) أمر عبد الله بن عبد الله أمير المؤمنين ـ أكرمه الله ـ بتوسعة المسجد الحرام وعمارته والزيادة فيه نظرا للمسلمين واهتماما بأمورهم ، وكان الذي زاد فيه الضعف مما كان عليه قبل ، فأمر ببنائه وتوسعته في المحرم سنة سبع وثلاثين ومائة ، وفرغ منه ورفعت الأيدي عنه في ذي الحجة سنة أربعين ومائة ، تيسيرا من الله ـ تعالى ـ بأمر أمير المؤمنين ، ومعونة منه له عليه ، وكفاية منه له