١٥٤٥ ـ وحدّثني عبد الله بن منصور ـ ونسخت من كتابه هذا الحديث ـ قال : أخذت نسخة هذا الكلام من كتاب رجل قال : هذا كتاب الحسن بن أبي الحسن البصري ـ رحمه الله تعالى ـ في فضل مكة ، إلى رجل من أهل الزهادة ، يقال له : عبد الله بن (١) آدم. وكان مجاورا بمكة ، وكان موسرا ، ولم يكن له عمل بمكة إلّا العبادة ، وانه أراد الخروج منها ، فبلغ ذلك الحسن ، فكتب إليه يرغبه في المقام بمكة ، فكتب إليه : بسم الله الرحمن الرحيم ، حفظك الله يا أخي بحفظ الإيمان ، ووقاك المكروه ، ووفقك للخيرات ، وأتم عليك النعمة ، وجمعنا وإياك في جوار الرحمن ، ومنازل الرضوان ، أما بعد : فإني كتبت إليك ، وأنا ومن قبلي من الأقارب والأخوان على أفضل الأحوال ، وربّنا محمود لا شريك له ، وصلى الله على محمد النبي وعلى آله الطيبين ، وسلّم تسليما ، قد انتهى إليّ إنك قد أزمعت الشخوص من حرم الله ـ تعالى ـ ، والتحوّل منه إلى اليمن في سبب رجل من أهلها ، وإني والله كرهت ذلك ، وغمّني ، واستوحشت لذلك وحشة شديدة ، وتعجبت منك إذ أطعت في ذلك الشيطان ، فإياك يا أخي ثم إياك أن تبرح منها ، فإنّ المقام بها سعادة ، والخروج منها شقاوة ، فنسأل الله ـ تعالى ـ أن يوفقنا وإياك للخيرات فإنه المنان ، ولا قوة إلّا بالله ، ثم إياك يا أخي والظعن منها ، فإنك في خير أرض الله ، وأحبّ أرض الله إلى الله ، وأفضلها وأعظمها حرمة ، وان
__________________
١٥٤٥ ـ في إسناده من لم يسمّ.
وهذا الكلام هو رسالة الحسن البصري المشهورة في فضل مكة ، والسكن فيها. وقد حقّقها ونشرها الدكتور سامي مكي العاني ، وقد اعتمد على ثلاث نسخ خطيّة ، ذكرها في مقدّمة الرسالة ، وفيها زيادات وتقديم وتأخير على ما هنا.
(١) في المطبوعة (عبد الرحيم ، أو : عبد الرحمن بن أنس الرمادي).