وقال بعض أهل مكة : إنّ أمير المؤمنين المهدي جاء إلى مكة في شهر رمضان ، فجاور بها وأقام إلى الموسم (١).
ثم جاء أمير المؤمنين هارون بعده في سنة ثماني وثمانين ومائة ، يريد الجوار بمكة ، فأقام بمكة ، وأخرج لأهل المدينة ومكة نصف عطاء فأعطاهم (٢).
فسمعت محمد بن أبي عمر يقول : أخذت في ذلك العطاء مائة درهم ، وأخذ أخي مثلها ، وكان أمير المؤمنين هارون إذا صلى يطوف بالبيت ، وكان يعجّل العصر ، ثم يدخل الطواف ، فيطوف حتى المغرب ، فسمعت ابن شبيب المغير يقول : رأيت أمير المؤمنين هارون دخل الطواف ، فأحصيت له من صلاة العصر إلى صلاة المغرب ستة عشر أسبوعا يصلي بين كل سبعين ركعتين.
وقال ابن أبي عمر فيما سمعته ـ انشاء الله ـ يقول : كان يطوف ويطوف معه إبناه محمد والمأمون ، وقوّاده يزيد بن مزيد ، ونفر ، فإذا أعيوا دخلوا الحجر ، فصلوا فيه وجلسوا ، وأمير المؤمنين يطوف في حشمه ، فإذا أحسوه طالعا من باب الحجر الشامي قاموا على أرجلهم بأجمعهم حتى يمضي ويجاوزهم عند الركن الغربي ثم يجلسون. وسمعت ابن أبي عمر يقول : كان أمير المؤمنين هارون يطوف بالبيت يوما فدخل الفضيل بن عياض من باب المسجد يريد الطواف ، وكان مع هارون حشم وجند ، فأمر بهم فأخرجوا من الطواف ، وبقي في بعض حشمه ، فدخل الفضيل بن عياض فالتقى هو وأمير المؤمنين ، فسلّم كل واحد منها على الآخر ، وطافا ، فلما فرغا من طوافهما أو احدهما ، وقف أمير المؤمنين وفضيل بن عياض فتكلّما وتناجيا ، قال ابن أبي
__________________
(١) أنظر تاريخ الطبري ٩ / ٣٣٧ ، وإتحاف الورى ٢ / ٣٠٢.
(٢) تاريخ الطبري ١٠ / ٩٥ ، والمحبّر لابن حبيب ص : ٣٨ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٢٠٠ وإتحاف الورى ٢ / ٢٤٥.