عنهما ـ قد ضيق على ابن عباس ، وعلى ابن الحنفية ـ رضي الله عنهم ـ وأحضر الحطب فجعله على أبوابهم ليحرقهم أو يبايعاه. قال : فجئنا على تلك الحال حتى منعناه من ذلك ، وخرجا إلى الطائف ، وكانا هنالك حتى توفي ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ولزمت الأربعة آلاف ابن الحنفية ـ رضي الله عنه ـ فنزلوا معه في الشعب ، وامتنعوا من ابن الزبير ، فكان هؤلاء الذين حضروا موت ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ بالطائف (١).
قال الواقدي : قال : هشام بن عمارة : وحدّثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن أبي الطفيل (٢) ، قال : أنا ذهبت إلى العراق ، فاستصرختهم ، فقدم أربعة آلاف أصحاب ابن الحنفية ، فهم الذين تخلصوه مما أراد ابن الزبير به ، ولزموه في الشعب ، ثم دخلوا معه ، حتى انتهوا به إلى أيلة (٣) ، (فأتى عبد الملك بن مروان ان يدعنا برجل كره ان يفسد الناس وابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ على ما هو عليه ، وكان محمد بن علي ـ رضي الله عنهما ـ لا يريد القتال) (٤).
__________________
(١) رواه ابن سعد في الطبقات ٥ / ١٠٠ من طريق : الواقدي وذكره صاحب تهذيب ابن عساكر ٧ / ٤١١ ـ ٤١٢. وذكره ابن حجر في الفتح ٨ / ٣٢٧ ، نقلا عن الفاكهي مختصرا.
والشعب المذكور ، هو : شعب علي بمنى سوف يأتي التعريف به ـ إن شاء الله ـ.
(٢) أبو الطفيل ، هو : عامر بن وائلة ، آخر الصحابة وفاة.
(٣) أيلة : مدينة تقع على الرأس الشرقي للبحر الأحمر ، تعرف اليوم ب (العقبة) ، وتابعة للملكة الأردنية اليوم.
(٤) هكذا العبارة في الأصل ، وهكذا في المنتقى ، وفيها اضطراب وسقط كما ترى ، وأصل القصّة أنّ محمد بن الحنفية بعد خروجه من مكة استأذن عبد الملك أن ينزل أرضا ما هو وأصحابه حتى ينقضي الأمر بينه وبين ابن الزبير ، فيبايع بعد لمن يجتمع عليه الناس ، فأذن له عبد الملك بنزول (أيلة). فنزلها هو وأصحابه ، وأحسنوا معاملة من نزلوا بينهم ، وأحسن أهل (أيلة) جوارهم ، وسار فيهم ابن الحنفية سيرة رحيمة راشدة ، وبلغت الأخبار عبد الملك ، فخشي أن يميل الناس لابن الحنفية ، فيفسد عليه أهل الشام بهذا ، فكتب إليه عبد الملك يأمره بالتحوّل إلى أرض أخرى. هذا ما تريد أن تقوله العبارة المضطربة. والله أعلم. أنظر تفاصيل ذلك عند ابن سعد ٥ / ١٠٩.