حق الحال أن يكون وصفا كما تقدم لأنه صفة لصاحبه فى المعنى وخبر عنه أيضا وقد يقع المصدر موضع الحال كما يقع صفة وخبرا ، وكل ذلك على خلاف الأصل ولا خلاف فى ورود المصدر حالا كقوله عزوجل : (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) [الأعراف : ٥٦] وهو كثير ومع كثرته فلا يقاس عليه عند الجمهور. وأجاز المبرد القياس عليه وليس فى قول الناظم بكثرة إشعار بالقياس وفهم منه أن وقوع المصدر المعرف حالا قليل لتخصيصه الكثرة بالمنكر.
ومصدر مبتدأ ومنكر صفته ويقع خبره وحالا حال من فاعل يقع المستتر وبكثرة متعلق بيقع وبغتة فعلة من البغت أن يفجأك الشىء ، قال الشاعر :
ولكنهم بانوا ولم أدر بغتة |
|
وأعظم شىء حين يفجؤك البغت |
تقول بغتة فجأة وبغته بغتة أى مفاجأة. ثم قال :
ولم ينكّر غالبا ذو الحال إن |
|
لم يتأخّر أو يخصّص أو يبن |
من بعد نفى أو مضاهيه كلا |
|
يبغ امرؤ على امرى مستسهلا |
حق صاحب الحال أن يكون معرفة لأنه مخبر عنه بالحال فى المعنى ، وقد يجىء نكرة ولذلك مسوغات كما أن للابتداء بالنكرة مسوغات وقد تقدمت فى باب المبتدأ فمن مسوغات تنكير صاحب الحال أن يتأخر عن الحال وهو المنبه عليه بقوله إن لم يتأخر ومثاله فى الدار قائما رجل ، ومنه قول الشاعر :
٨١ ـ وبالجسم منّى بيّنا لو علمته |
|
شحوب وإن تستشهدى العين تشهد |
فصاحب الحال شحوب وبينا منصوب على الحال وأصله شحوب بين ، ومنها أن يكون مخصصا وهو المنبه عليه بقوله أو يخصص وشمل صورتين الأولى أن يخصص بالوصف كقوله عزوجل (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْراً مِنْ عِنْدِنا) [الدخان : ٤ ، ٥] والثانية أن يخصص بالإضافة إلى نكرة كقوله تعالى : (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً) [فصلت : ١٠] ومنها أن يكون بعد نفى وهو المنبه عليه بقوله أو يبن من بعد نفى أى يظهر بعد نفى ومثاله ما جاء رجل ضاحكا ومنه قوله عزوجل : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) [الحجر : ٤] ومنها أن
__________________
(٨١) البيت من الطويل ، وهو بلا نسبة فى شرح ابن عقيل ص ٣٢٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٢٢ ، والكتاب ٢ / ١٢٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ١٤٧.
والشاهد فيه تقديم «بينا» على «شحوب» ونصبه على الحال بعد أن كان صفة متأخرة ، أى : شحوب بيّن.