على وزن فعل نحو (كَبُرَتْ كَلِمَةً) [الكهف : ٥] وما كان وضعه على وزن فعل وفعل نحو وضوء الرجل زيد وعلم الرجل عمرو يعنى بقوله كنعم فى الحكم لا فى المعنى لأن فعل كما يقصد به المدح يقصد به الذم نحو جهل الرجل زيد وقوله مسجلا منصوب على الحال من فعل والمسجل المبذول المباح الذى لا يمنع من أحد فهو بمعنى مطلقا فيكون التقدير واجعل فعلا فى حال كونه على فعل أو على فعل أو على فعل ويجوز أن يكون حالا من نعم فيكون التقدير واجعل فعل كنعم مطلقا فى جميع أحكامها. ثم قال :
(ومثل نعم حبّذا) يعنى أن حبذا مثل نعم مع فاعلها فى المعنى لا فى الحكم لاختلاف بعض أحكامها إلا أن فى حبذا زيادة على نعم وهى الحب والتقريب من القلب وهى مستفادة من لفظ حب ثم قال : (الفاعل ذا) يعنى أن ذا فاعل بحب وفهم منه أن حب فعل وفاعل. ثم قال : (وإن ترد ذما فقل لا حبّذا) يعنى أنك إذا أردت بحبذا الذم أدخلت عليه لا فتقول لا حبذا زيد فتساوى معنى بئس لأن نفى المدح ذم ، وقد جمع الشاعر بينهما فقال :
١٣٧ ـ ألا حبّذا أهل الملا غير أنه |
|
إذا ذكرت مى فلا حبّذا هيا |
ثم قال :
وأول ذا المخصوص أيا كان لا |
|
تعدل بذا فهو يضاهى المثلا |
اعلم أن حبذا يحتاج إلى مخصوص كما يحتاج إليه نعم فتقول حبذا زيد كما تقول نعم الرجل زيد وفهم من قوله وأول ذا أن مخصوص حبذا لا يكون إلا متأخرا عن ذا بخلاف المخصوص بعد نعم فإنه يتقدم وفهم من سكوته عن إعرابه أنه مبتدأ وخبره فى الجملة قبله كما سبق فى مخصوص نعم وقوله أيا كان يعنى مذكرا كان أو مؤنثا مفردا أو مثنى أو مجموعا وقوله لا تعدل بذا يعنى أن ذا لا يكون إلا مفردا مذكرا وإن كان المخصوص على خلاف ذلك فتقول حبذا زيد وحبذا هند وحبذا الزيدان وحبذا العمرون وكان القياس أن يكون اسم الإشارة مطابقا للمخصوص فى التأنيث والتثنية والجمع لكنه أفرد فى الأحوال كلها لشبهه بالمثل وعلى ذلك نبه بقوله فهو يضاهى المثلا أى يشابه المثل والأمثال لا تغير ، ثم قال : (وما
__________________
(١٣٧) البيت من الطويل ، وهو لذى الرمة فى ملحق ديوانه ص ١٩٢٠ ، والدرر ٥ / ٢٢٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٥٤٢ ، وله أو لكنزة أم شملة فى المقاصد النحوية ٤ / ١٢ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣٨١ ، وشرح التصريح ٢ / ٩٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٦٩.
والشاهد فيه أن «حبّذا» تدخل عليها «لا» فتساوى بئس ، وتصير «حبذا» للذّمّ.