١٤٠ ـ حتى إذا جنّ الظلام واختلط |
|
جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط |
فظاهره أن الجملة المصدرة بهل نعت لمذق والتأويل فى ذلك أن يكون هل رأيت الذئب قط محكيا بمقول والتقدير جاءوا بمذق مقول فيه عند رؤيته هل رأيت الذئب والضمير فى قوله ونعتوا عائد على العرب وما فى قوله ما أعطيته مفعول ثان لأعطيت وفى أعطيت ضمير مستتر عائد على الجملة وهو المفعول الأول وصلة ما أعطيته وهو مفعول ثان وخبرا منصوب على الحال من الضمير المستتر فى أعطيته وإيقاع مفعول بامنع وهو مصدر مضاف إلى المفعول وذات الطلب نعت لمحذوف والتقدير إيقاع الجملة ذات الطلب وإن أتت يعنى الجملة الطلبية نعتا فأضمر القول ، ثم قال : (ونعتوا بمصدر كثيرا) يعنى أن النعت بالمصدر جاء فى كلام العرب كثيرا وهو على خلاف الأصل لأن المصدر جامد لكنه شبيه بالمشتق ولا يفهم من قوله كثيرا اطراد الوصف كما تقدم فى قوله : (ومصدر منكر حالا يقع* بكثرة). ثم قال : (فالتزموا الإفراد والتذكيرا) يعنى أن المصدر إذا وقع نعتا التزم إفراده وتذكيره فتقول مررت برجل عدل وبرجلين عدل وبرجال عدل وبامرأة عدل وبامرأتين عدل وبنساء عدل وسبب ذلك أن النعت فى الحقيقة محذوف والأصل مررت برجلين ذوى عدل فحذف المضاف وبقى المضاف إليه على ما كان عليه من الإفراد. ثم قال :
ونعت غير واحد إذا اختلف |
|
فعاطفا فرّقه لا إذا ائتلف |
غير واحد هو المثنى والمجموع وله صورتان إحداهما اختلاف معنى النعتين أو النعوت فهذه يعطف فيها النعوت بعضها على بعض بالواو نحو مررت برجلين كريم وبخيل أو برجال كريم وبخيل وعاقل ، والأخرى ائتلافهما فهذه يستغنى فيها بالتثنية والجمع عن العطف نحو مررت برجلين كريمين أو برجال كرام ويجوز فى نعت الرفع على الابتداء وخبره فرقه والنصب بإضمار فعل يفسره فرقه وهو المختار وواحد نعت لمحذوف تقديره ونعت غير منعوت واحد وعاطفا حال من الفاعل المستتر فى فرقه ولا عاطفة إذا ائتلف على إذا اختلف. ثم قال :
__________________
(١٤٠) الرجز للعجاج فى ملحق ديوانه ٢ / ٣٠٤ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٠٩ ، والدرر ٦ / ١٠ ، وشرح التصريح ٢ / ١١٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٦١ ، وبلا نسبة فى الإنصاف ١ / ١١٥ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣١٠ ، وخزانة الأدب ٣ / ٣٠ ، ٥ / ٢٤ ، ٤٦٨ ، ٦ / ١٣٨ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٩٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٧٧ ، وشرح عمدة الحفاظ ص ٥٤١ ، وشرح المفصل ٣ / ٥٢ ، ٥٣ ، ولسان العرب ٤ / ٢٤٨ (خضر) ، ١٠ / ٣٤٠ (مذق) ، والمحتسب ٢ / ١٦٥ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٤٦ ، ٢ / ٥٨٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ١١٧.
والشاهد فيه قوله : «بمذق هل رأيت الذئب» فالظاهر أن الجملة الاستفهامية قد وقعت نعتا للنكرة «مذق» والحقيقة أنها مقول قول محذوف ، والتقدير : جاءوا بمذق مقول فيه : هل رأيت الذئب قط؟