إن إسلام المنذر بن ساوى لا يمكن أن يكون بالسهولة التي ذكرها المؤرخون ، والراجح أن ما ذكره السهيلي (١) كلام مختلق ، وإن أسباب تأييد المنذر للاسلام واتباعه النبي رغم بعد المسافة بينهما أعمق وأبعد.
إن الاتصال بين النبي صلى الله عليه وسلم وبعض أهالي البحرين ، وإرسال الممثلين والوفود ، وتحصيل الضرائب حقيقة ثابتة لا تقبل الشك ، كما أنه توجد قناعة ثابتة بأن هناك بعض الجماعات في البحرين كانوا يدافعون عن الإسلام في حياة الرسول (٢) ، ويتبين من كتاب (٣) الرسول إلى المنذر أنه ارتبط بالنبي لعوامل سياسية وذلك للاحتفاظ بسلطته في البحرين ، وتثبيتها وتوسيعها ، والواقع أنه بعد إسلامه بقي في السلطة حتى وفاته عام ١١ ه ، أما عمال الرسول إلى البحرين فكان عملهم محدودا في نطاق الأمور المالية ولم يكن لهم سلطان سياسي (٤) ، ولعله حاول نشر الإسلام في البحرين ، ووافق على دخول الجباة المرسلين من المدينة إليها ، وعلى إرسال أموال الجباية إلى المدينة لأنها تزيد من قوته (٥) ، ويرى كايتاني أن قضية دخول البحرين في الإسلام ، والحوادث المروية من قبل المحدثين حولها مبالغ فيها ، إن
__________________
(١) انظر السهيلي / الروض الآنف / ٢ / ٣٥٦ حيث يذكر حوارا بين العلاء الحضرمي وبين المنذر بن ساوى وعلى أثره أسلم المنذر ، انظر أيضا الحلبي / السيرة الحلبية / ٣ / ٨٤ ، دحلان / السيرة النبوية / ٢ / ١٩٨ ـ ١٩٩ ، الزرقاني / ٣ / ٣٥١ ـ ٣٥٢.
(٢) كايتاني / إسلام تاريخي / ٦ / ١١٨ ـ ١١٩.
(٣) انظر نص الكتاب في الملحق الأول.
(٤) انظر الفصل السادس.
(٥) كايتاني / ٦ / ١٢١.