أن النبي أسكن الوفد في دار رملة بنت الحارث حيث مكثوا عشرة أيام ، كان الأشج خلالها يسائل رسول الله عن القرآن ، وكان أبي بن كعب يقرأ عليه بعض السور (١) ، كما تعلم أعضاء الوفد بعض سور القرآن (٢). والراجح ما ذكره ابن حجر من أنهم بقوا إلى ما بعد فتح مكة عام ٨ ه (٣). وقد بين أعضاء الوفد للرسول أنهم بسبب الكفار من مضر لا يستطيعون المجيء إليه إلا في شهر حرام حيث إن جميع القبائل تعظم الأشهر الحرم وتوقف القتال فيها وطلبوا منه أن يعلمهم من أمور الإسلام ليعملوا بها وليدعوا إليها أقوامهم ، فأمرهم الرسول بالإيمان بالله وحده وفسره لهم بأنه شهادة لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وأن يؤدوا من المغانم الخمس ، ونهاهم عن الانتباذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت (٤).
إن الأحاديث المروية عن الرسول حول منعه عبد القيس من الانتباذ في الأوعية المذكورة تبدو مختلفة لأنها ليست المحرمات الأساسية في الإسلام.
ويذكر ابن حجر في ترجمة المنذر بن الأشوع العبدي أنه «قدم في وفد عبد القيس فقالوا يا رسول الله جئنا سلما غير حرب ، ومطيعين غير عاصين فاكتب لنا كتابا يكون في أيدينا تكرمة على سائر العرب ، فسر النبي صلى الله عليه وسلم وأمرهم ونهاهم ووعظهم وكتب لهم كتابا» (٥).
__________________
(١) ابن سعد / ١ ق ٢ / ٥٤ ، ٥ / ٤٠٦ ـ ٤٠٧.
(٢) ابن حنبل / المسند / ٣ / ٤٣٢.
(٣) الإصابة / ٢ / ١٧١.
(٤) أبو عبيد / الأموال / ١٢ ، النجاري / الصحيح / ١ / ٢٢ ، ٣٤ ، ١٤٢ ، ٣٥٥ ، ٣ / ١٦٤ ، مسلم / الصحيح / ١ / ٤٦ ـ ٤٨ ، ٣ / ١٥٧٩ ، البيهقي / السنن / ٦ / ٢٩٤ ، وذكر ابن حنبل أن الرسول أمرهم بالحج إضافة إلى ما ذكر. المسند / ١ / ٣٦١.
(٥) ابن حجر / الإصابة / ٣ / ٤٣٨.