الساحل حيث يرسو الأسطول الساساني والقوات التي تسنده ، وبذلك تكون مؤخرته أمينة ، في حين أن هجر كانت قد سيطر عليها المسلمون ، فلم تعد قاعدة أمينة للساسانيين ، فضلا عن أن موقعها داخلي يعرض الحاكم الساساني إلى خطر التطويق ، وكان يرتبط العاصمة الساسانية بالبرد (١) ، وأنه قاوم الإسلام وقتل عام ١٣ ه (٢).
ومن المعلوم أن الساسانيين اعتمدوا في تأمين حدودهم الغربية وضبط القبائل العربية على العرب أنفسهم ، ففي أطراف العراق ساندوا دولة المناذرة التي اتخذت مركزها في الحيرة (٣) ، واستطاعت أن تبسط سلطانها على معظم القبائل الواقعة في شرقي الجزيرة ، وامتد نفوذها إلى أطراف البحرين (٤). أما في البحرين فقد اتبعوا سياسة مشابهة ، فعوضوا عن ضعف قواتهم العسكرية فيها ، بالاستفادة من العرب في الإدارة ، وكان العرب في البحرين يسيرون تبعا للتنظيمات القبلية ، فكان لهم رؤساؤهم وشيوخهم الذين يشغلون مراكزهم عن طريق اختيار أبناء القبيلة لهم ومن دون فرض من الفرس ، وقد ساعد ضعف سلطة الساسانيين والروح القبلية على حدوث انقسامات وخلافات بين القبائل ، غير أن وجود المدن في البحرين ، وازدهار التجارة فيها ، كان يتطلب إيجاد تنظيمات إدارية خاصة تيسر سير الأمور ، ومع أن هذه التنظيمات لا بد أن تختلف عن التنظيمات التي عند القبائل ، إلا أن
__________________
(١) الجاحظ / كتاب البغال / رسائل الجاحظ / ١٦ / ٢ / ٢٩١ ـ ٢٩٢.
(٢) انظر الزارة في الفصل الثالث.
(٣) عن دولة الحيرة انظر غنيمة / الحيرة المدينة والمملكة العربية ، مطبعة دنكور الحديثة ، بغداد ١٩٣٦ ، العلي / محاضرات في تاريخ العرب / ١ / ٦٤ وما بعدها.
(٤) الطبري / ١ ق ٢ / ٨٩٨ ، ٩٨٥ ، الكامل / ١ / ٤٣٧ ـ ٤٣٩ ، ويبدو أن كلا من الطبري وابن الأثير قد أخطأ في اسم المنذر بن النعمان ، والصواب هو المنذر بن امرىء القيس الثالث المعروف بالمنذر بن ماء السماء وهو المنذر الثالث.