٦٤ ه ، تبنى آراء متطرفة منها أن التقية غير جائزة مستدلا بقوله تعالى : (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً)(١) ، وأن مخالفيهم مشركين كفرة لا تحل مناكحتهم وموارثتهم ، أو أكل ذبائحهم ، ولا يجب ردّ أماناتهم ، وأباح قتل نساء وأطفال من لم يعتنق مذهبهم ، واكفر القعدة منهم ، وامتحن المهاجر إليه ، غير أن هذه الآراء المتطرفة لم يقبلها عدد من الخوارج الذين كانوا معه فتركه نجدة بن عامر الحنفي وأصحابه وخرجوا حيث انفصلوا عنه لأنهم اعتبروا آراءه التي نادى بها مخالفة للقرآن والسنة ولآراء الخوارج القدماء ، وقد أطلق عليهم «أهل الوقوف» لأنهم وقفوا عند الشبهة فقالوا لنافع «أحدثت ما لم يكن عمله السلف من أهل النهروان وأهل القبلة فقال : هذه حجة قامت عليّ لم تقم عليهم» (٢) ، وكان نجدة يرى أن التقية جائزة مستدلا بقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً)(٣) ، وقوله عز وجل : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) ، وأن القعود جائز والجهاد إذا أمكن أفضل ، وقد قال الله تعالى : (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً)(٤) ، وأن ردّ الأمانات إلى أهلها واجب ، ولم يقبل بقتل الأطفال ، وأن المقام في دار الكفر (محل إقامة المسلمين) حلال ، ولم يؤمن بالامتحان (٥).
__________________
(١) القرآن الكريم : سورة النساء ، آية : ٧٧.
(٢) أنساب الأشراف : ج ٦ ، ورقة ١٥ ب ، الجزء الحادي عشر من تاريخ مصنف مجهول : ٨٠ ، ١٢٦. ابن الأثير : الكامل ٤ / ١٦٧. المبرد : الكامل في اللغة ٣ / ١٠٣٠ ـ ١٠٣٢. الشهرستاني : الملل والنحل ١ / ٩٣.
(٣) الجزء الحادي عشر من تاريخ مصنف مجهول : ٧٨ ـ ٧٩.
(٤) القرآن الكريم : سورة آل عمران ، الآية : ٢٨.
(٥) القرآن الكريم : سورة المؤمن ، الآية : ٢٨.