وقد استغل أعداء الخوارج الخلاف بين نجدة وأتباعه وما نتج عنه من ضعف وانقسام في صفوفهم ، فثاروا على عماله ، فقد ثار أهل الطائف على عامله الحاروق الحنفي فهرب ، ثم قتله في عقبة (١) عبد الله بن النعمان الدوسي رئيس أزد السراة ، كما أن سعد الطلائع عامله على نجران ، قتله ناجية الجرمي بعد أن منعه الصدقة (٢).
عزل نجدة ومقتله ومبايعة أبي فديك : ـ
وقد أدت الخلافات بين نجدة وأتباعه إلى خلعه ، وولوا أمرهم أحد الموالي وثابت التمار ، مما يدل على تأثير الموالي القوى في حركة الخوارج ، ومحاولتهم قيادتها ، ولكن سرعان ما تبينوا أنه لا بد لمن يكون أميرهم أن يكون عربيا خالصا ، فأظهروا أن شعورهم القبلي أقوى من عقيدتهم الخارجية ، والواقع أن الخوارج في هذه الفترة التي تميزت بالتعصب القبلي لا يمكن أن يبايعوا بالأمرة عليهم رجلا من الموالي ومعظمهم من العرب ، وقد طلبوا من ثابت التمار أن يختار لهم خليفة ، فاختار زوج أخته أبا فديك عبد الله بن ثور أحد بني قيس بن ثعلبة فنال البيعة (٣).
__________________
(١) عقبة : منزل في طريق مكة بعد واقصة وهو ماء لبني عكرمة بن بكر بن وائل. ياقوت : ٣ / ٦٩٢.
(٢) أنساب الأشراف : ج ٦ ، ورقة ١٦ أ. الجزء الحادي عشر من تاريخ مصنف مجهول. ١٤٠ ـ ١٤١ الكامل : ٤ / ٢٠٥.
(٣) أنساب الأشراف : ج ٦ ، ورقة ١٦ ب ، ٣٧ ب. انظر أيضا الجزء الحادي عشر من تاريخ مصنف مجهول : ١٤٣. اليعقوبي : ٢ / ٣٢٥ ـ ٣٢٦. الكامل : ٤ / ٢٠٥. مقالات الإسلاميين : ٩٢. الفرق بين الفرق : ٨٩. التبصير في الدين : ٣٠ ـ ٣١. الملل والنحل : ١ / ٩٢. ولهاوزن : الخوارج والشيعة / ٨٣. وفي رواية أخرى أنهم عهدوا إلى نجدة ليختار لهم إماما فاختار أبا فديك. انظر الفرق بين الفرق : ٨٩. ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة ٢ / ٨.