مسمع بعشرة آلاف درهم (١) ، فنقموا عليه لأنه يمنع المال عن ذوي الحاجة منهم (٢) ، وهذا يظهر تمسك الخوارج بمبدأ المساواة.
إن أكثر الاتهامات التي وجهت إلى نجدة فردية ، وهي إن صحت ، حجج ظاهرية ، ولكنها تخفي وراءها شعورا متناميا ضده يعمل على هدم سلطته والتخلص منه ، ولا بد أن يكون للتعصب القبلي بين قيس بن ثعلبة وحنيفة أثر بيّن في ذلك ، إذ أن أبا فديك عبد الله بن ثور أحد بني قيس بن ثعلبة لعب دورا رئيسا في خلع نجدة وقتله ، وكان الهدف الرئيسي لبني قيس بن ثعلبة من ذلك قيادة الحركة ونقل مركزها إلى البحرين حيث كان معظمهم يقطن هناك ، وهذا يظهر لنا الدور الذي لعبته البحرين في توجيه الخلافات بين خوارج اليمامة ، وقد تحقق بالفعل ما كان يصبو إليه بنو قيس بن ثعلبة ، حيث تولى أبو فديك زعامة الخوارج ، ونقل مركزه إلى البحرين ، كما أن الموالي لعبوا دورا مهما في الخلافات بين نجدة وأتباعه ، وذلك للسيطرة على حركة الخوارج وتوجيهها لصالحهم (٣).
وقد استتابه أكثر أتباعه فاعلن توبته ، ثم أن طائفة رأوا أن استتابته خطأ لأنه أمام وله الاجتهاد ، ولا يحق لهم استتابته وطلبوا منه أن يتوب من توبته وأن يستتب الذين استتابوه وإلا نابذوه ، ففعل ذلك فافترق عليه أصحابه (٤).
__________________
(١) أنساب الأشراف : ج ٦ ، ورقة ١٦ ب. الجزء الحادي عشر من تاريخ مصنف مجهول : ١٤٣. اليعقوبي : ٢ / ٣٢٥.
(٢) مقالات الإسلاميين : ٩٢.
(٣) انظر التفصيلات في «خلع نجدة ومقتله ومبايعة أبي فديك».
(٤) أنساب الأشراف : ج ٦ ، ورقة ١٦ ب. الجزء الحادي عشر من تاريخ مصنف مجهول : ١٤٣. الكامل : ٤ / ٢٠٥. مقالات الإسلاميين : ٩٢. التبصير في الدين : ٣١. الملل والنحل : ١ / ٩٢.