هذا الكتاب
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فهذا كتاب يؤرخ لمدينة المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، وهو الكتاب الثاني الذي وصل إلينا من الكتب المصادر لكثير من المؤرخين وعمدتهم.
وهذا الكتاب ألفه الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود النجار المتوفى سنة ٦٤٣ ه ، كتبه عند ما قدم إلى المدينة المنورة للزيارة حيث يقول بعد ما اجتمع بجماعة من أهل المدينة : «فسألوني عن فضائل المدينة وأخبارها ، فأخبرتهم بما تعلق في خاطري من ذلك ، فسألوني إثباته في أوراق ...» وقد قيده من حفظه حيث إن مصادره لم تكن معه حين الزيارة وفي ذلك يقول : «فاعتذرت إليهم بأن الحفظ قد يزيد وينقص ، ولو كانت كتبي حاضرة كنت أجمع كتابا في ذلك شافيا لما في النفس ...».
فهو ـ يرحمهالله ـ قد أحب أن يجمع في تاريخ المدينة كتابا شافيا ، ولو تيسرت له كتبه لكتب في تاريخها كتابا أعظم مما كتب ، كما كتب ذيلا لتاريخ بغداد للخطيب ، والذي قال عنه الذهبي : «وهو في مئتي جزء ينبئ بحفظه ومعرفته ...».
فهذا الكتاب بالنسبة لما قد ظهرت من مؤلفات سابقة له في تاريخ المدينة يعتبر فريدا جامعا ، فمثلا أقدم تواريخ المدينة التي وصلت إلينا ، هو تاريخ ابن شبة وهو غير مكتمل فما وصلنا غير جزء منه أو نصفه ، كان ابن شبة يؤرخ فيه على طريقة المحدثين ، ولم تكن أخباره متوسعة في جميع المجالات بل هي سير مقتضبة لأحداث جرت بالمدينة ومواقع ذكرت أشياء عنها يسيرة.
ثم كتاب «فضائل المدينة» لابن الجندي وهو كتاب صغير اهتم مصنفه